أكاديميون مغاربة يدعون الى تمحيص التراث التفسيري المأثور عن الصحابة
الدار / خاص
دعا أكاديميون مغاربة في العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية الى الاهتمام بمدارس الصحابة في التفسير، والالتفات إلى المفاهيم والتحقيق فيها وتحرير الخلاف فيها، وكذا تمحيص التراث التفسيري المأثور عن الصحابة.
وأكد الأكاديميون المشاركون في ندوة علمية نظمها “مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين” بشراكة مع “مركز الدراسات القرآنية”، التّابعان للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط يوم الأربعاء 23 دجنبر 2020 على الساعة 10 صباحا عبر تقنية زووم، على أهمية الرجوع إلى الصحابة في التفسير واعتبارهم الأصل في فهم كتاب الله، وكذا ضرورة استلهام مناهج الصحابة وآلياتهم في تفسير النصوص الشرعية.
و افتتحت هذه النّدوة بتلاوة آيات بينات من الذّكر الحكيم ألقاها على مسامعنا القارئ المتقن أحمد خروب، تلتها كلمة مُسيّر النّدوة الدكتور بدر العمراني، منوّها بهذا اللّقاء العلمي الذي يعتبر استمرارا لنهج المركز في التّعريف بالصّحابة الكرام والدفاع عنهم وإبراز مناقبهم ومآثرهم، كما رحّب بالمشاركين.
وقد جرت فعاليات النّدوة عبر ثلاثة محاور، المحور الأول: مفهوم تفسير الصحابي وحجّيته عند العلماء.
بداية تطرق الدكتور يونس السباح، الأستاذ الباحث بمركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين بطنجة التابع للرابطة المحمدية للعلماء، إلى مسألة تفسير الصحابي، المفهوم والآثار. وقد بين أهمية تفسير الصحابي وأشار إلى بعض مصادره، وأن الصحابة الكرام تناولوا أشرف علم وهو علم التّفسير لارتباطه الوثيق بالوحي، وأنّ تفسيرهم حُجّة إذ كانوا حريصين على فهم كتاب الله وكشف مراده واستنباط أحكامه، وسلامة قصدهم فيما فسروا من الآيات. كما أنهم رضي الله عنهم أهل فصاحة شهدوا التّنزيل وعرفوا أحواله، ويدركون مالا يُدركه غيرهم.
كما تطرّقت الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري الأستاذة الباحثة بمركز الدراسات القرآنية التابع للرّابطة المحمدية للعلماء بالرباط، إلى مسألة تفسير الصّحابي، المفهوم والحجية، حيث ذكّرت بمكانة الصحابة رضي الله عنهم وأنّ تفسير الصحابي هو ما ورد عنهم من أقوال، سواء ما ليس فيه مجال للرأي أو ما فيه مجال للرأي، وأنه يدخل فيه ما هو مرفوع أو موقوف أو مرسل. وإنّ أغلبية مرويات الصحابة حجة في الجملة لا في التّفصيل. كما عرّجت على قضيّة ترتيب التفاسير حسب الحجّية.
المحور الثّاني: مصادر تفسير الصحابي وأهمّيته في فهم القرآن الكريم.
وتطرق الدكتور أحمد نصـري، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، إلى أسباب اختلاف الصحابة في التفسير؛ ذكر منها جملة: منها ما هو راجع لقوة الفهم والاستنباط عند كل واحد منهم، أو إلى الاجتهاد الصحابي وإعمال رأيه في مسائل محددة.. وشفع كلّ سبب بأمثلة وشواهد توضيحية من تفاسير الصّحابة.
وتلاه الدكتور عبدالعزيز كارتي، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، حيث تناول في حديثه بالحديث عن: نماذج واجتهادات الصّحابة في التفسير، لعلمهم بأسرار العربية ودلالات الآيات وعادات العرب في كلامهم، وكذا معرفة أحوال المجتمع الذي نزل فيه الوحي، ومعرفتهم بأحوال اليهود والنصارى في جزيرة العرب عند نزول الوحي. مع التّمثيل بنماذج تدلّ على قوة الاستنباط ودقّة الاجتهاد. منها: أنّ الصّحابة الكرام كانوا يفسرون بعض الآيات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكان يتدخّل لتوجيه اجتهاداتهم وتقويمها. أو يقرّهم على ذلك.
وفي المحور نفسه تحدّث الدكتور أحمد الفقيري، الأستاذ بكلية أصول الدين بتطوان، عن أثر ابن عباس في تفاسير الغرب الإسلامي، دراسة ونماذج، إذ نوّه بعلم ابن عباس في تفسير القرآن الكريم وذلك ببركة دعاء النبي الكريم له. فقد كان رضي الله عنه أعلم الناس بالتفسير، فهو حبر الأمة وترجمان القرآن.
وأشار إلى انفراد علماء الغرب الإسلامي بالأخذ بتفسير ابن عباس، والتأثّر به. وذكر نماذج من هؤلاء العلماء الآخذين برأي ابن عباس رضي الله عنه؛ مثل: يحيى بن سلاّم.
المحور الثالث: أثر تفسير الصّحابة في العلوم الإسلامية.
تطرق الدكتور محمد المنتار، الأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، ورئيس مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، إلى مسألة تفسير النّصوص عند الصحابة وأثره في بناء الدرس الأصولي والمقاصدي، معالم ومناهج. فقد أشار إلى أن تفسير الصحابي للقرآن الكريم يجمع بين الأصول والمقاصد، وذلك لبناء واستنباط الأحكام الشرعية. وذكر مجموعة من الاجتهادات وكيف ربطها الصحابة بالأصول الخمسة للدين، مستدلا على ذلك بتصرفاتهم في النوازل التي اعترضتهم مع التّمثيل بنماذج مما أغنوا به التراث الإسلامي.
وفي المحور نفسه تطرق الدكتور بدر العمراني، الأستاذ بكلية أصول الدين بتطوان ورئيس مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين التابع للرابطة المحمدية للعلماء، إلى موضوع: المحدثون وتفسير الصحابي، ظواهر وقضايا. فأشار إلى أنّ كل من تكلم في تفسير الصحابة سيرجع بالضرورة إلى ما جمعه المحدثون، فهم من جمع روايات الصحابة في التفسير وصنفوها وأفردوها في مصنفاتهم الحديثية، إما تضمينا أو تخصيصا، وكذا إلى بعض المظاهر التي اهتم بها المحدثون في تعاملهم مع تفسير الصّحابي، فهم في العادة يجمعون التّفاسير ويرتبونها فقط ولا يخوضون في معانيها إلا نادرا. وذكر نماذج منها منتقاة من التفاسير المأثورة.
ثمّ خُتمت فعاليات الندوة العلمية المباركة بكلمة شكر، وجهها مسيّر النّدوة الدكتور بدر العمراني إلى العالم الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء لما أولاه من عناية وحسن رعاية من أجل إنجاح هذا المحفل العلمي، كما شكر الأساتذة المشاركين جميعا، وأثنى على الحضور المتميّز للطّلبة والباحثين ومتابعتهم الجادّة لعروض المتدخّلين في الندوة.
وعرفت الندوة مشاركة ثلة من الأساتذة والباحثين: الدكتور بدر العمراني، والدكتور محمد المنتار، والدكتور أحمد نصري، والدكتور عبدالعزيز كارتي، والدكتور أحمد الفقيري، والدكتور يونس السباح، والدكتورة فاطمة الزهراء الناصري.