صحيفة اسبانية: قطع المغرب لعلاقاته مع ألمانيا رسالة تحذير لإسبانيا
الدار / ترجمات_صحيفة “الكونفيدونسيال”
لبضع ساعات، رفرفت “خرقة” “البوليساريو” صباح يوم السبت من واجهة أصغر البرلمانات الإقليمية في ألمانيا، برلمان بريمن، بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لتأسيس الجبهة الانفصالية. كان ذلك حافزاً للدبلوماسية المغربية لإعلان خطوة جريئة يوم الإثنين فاتح مارس مع برلين، حيث بعث وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، بمراسلة الى الحكومة بأكملها، بما في ذلك رئيسها، يأمر فيها “بتعليق أي اتصال أو تفاعل أو عمل تعاون (…) مع السفارة الألمانية في المغرب، مع وكالات التعاون والمؤسسات السياسية الألمانية” العاملة في الرباط.
تشير المذكرة إلى “سوء تفاهم عميق” مع ألمانيا “بشأن القضايا الأساسية للمملكة المغربية”، لكنها لا تشرح أسباب مثل هذا القرار الجذري الذي لا يرقى إلى مستوى الأزمة الدبلوماسية. من الواضح أن قرار الخارجية المغربية مرتبط بموقف ألمانيا فيما يتعلق بموضوع السياسة الخارجية المغربية، على وجه التحديد قضية الصحراء.
وجدت الدبلوماسية الإسبانية نفسها في مأزق بسبب قرار الرئيس الأمريكي الأسبق، دونالد ترامب القاضي بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في 10 دجنبر المنصرم، لذلك تشكل الأزمة الحالية بين الرباط وبرلين تحذيرًا للحكومة الإسبانية للابتعاد عن موقفها التقليدي واعتماد موقف أكثر تصالحيا مع مصالح المغرب، بحسب مصادر دبلوماسية. فالعلاقات بين إسبانيا والمغرب لم تعد تمر بأفضل لحظاتها، والدليل على ذلك أن القمة الثنائية التي كان من المفترض أن تلتئم في الرباط في 17 دجنبر الماضي قد تم تأجيلها ، بطلب من المغرب، حتى فبراير الماضي، لكنها لم تعقد الشهر الماضي أيضًا. الآن ليس هناك موعد محدد لهذا الموعد. كان من المفترض أن ينعقد هذا الاجتماع، من الناحية النظرية، بشكل سنوي، علما أن الاجتماع الأخير عقد في عام 2015.
إن رفع “خرقة” البوليساريو في برلمان بريمن وتغريدة التضامن مع الصحراويين التي نشرتها تلك المؤسسة كانت بمثابة قطرة ماء جعلت كأس الصبر المغربي يفيض. بدأت الرباط في خسارتها لصالح ألمانيا منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر، بعد أن حققت أكبر نجاح دبلوماسي لها في الآونة الأخيرة، بالاعتراف بسيادتها على الصحراء من قبل الولايات المتحدة. بعد إعلان ترامب في دجنبر المنصرم، طلب السفير الألماني لدى الأمم المتحدة، كريستوف هيوسجن، الذي ترأس بعد ذلك مجلس الأمن، عقد اجتماع لهذه الهيئة لتقييم الوضع في الصحراء.
عند مغادرته في 21 دجنبر المنصرم، وصف هيوسجن الصحراء بأنها أرض “محتلة”، مشيرا إلى أن المغرب هو من “شن العملية العسكرية” في نونبر لتطهير معبر الكركرات في جنوب الصحراء”، وردا على ذلك، خرقت جبهة البوليساريو اتفاق إطلاق النار الموقع عام 1991″. هكذا بدأت حرب منخفضة الحدة، محذرا من أن “الإحباط المتزايد لجبهة البوليساريو يمكن أن يولد التطرف والإرهاب والهجرة” داعيا الرباط إلى التفاوض.
بعد يومين، كان نيلز أنين، وزير الدولة للشؤون الخارجية الألماني، أكثر حدة في مقابلة مع مجلة “دير شبيجل”، حيث شدد على أنه “نرفض الاعتراف على حساب أحد الأطراف”، منتقدًا قرار ترامب، وهو القرار الذي لازال يتمسك به الرئيس جو بايدن حاليًا.
وشدد وزير الدولة الألماني للشؤون الخارجية في ذات الحوار، على أن اعتراف أمريكا بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية “يتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة”، وهو ما رأت فيه الرباط “عداء غير عادي”، وتصرفا من ألمانيا في الاتجاه المعاكس لما طلبه المغرب، الذي حث وزير خارجيته، ناصر بوريطة، الأوروبيين، في 15 يناير الماضي، على “الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم، و الانخراط الدينامية الجديدة بقيادة الولايات المتحدة”، مضيفا في إشارة واضحة لإسبانيا، الى أن ” القوة الاستعمارية السابقة، “يجب أن تكون جريئة لأنها كانت طرفا في النزاع حول الصحراء”.
إسبانيا قريبة جدًا لدرجة أنه على الرغم من أن الحكومات المتعاقبة تحاول تجاهل قضي الصحراء، إلا أن التقرير الأخير لنائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية، هانز كوريل، اعتبر في عام 2002 أنها كانت القوة الإدارية للإقليم على الرغم من أنها لم تستطع تنفيذ تلك المهمة. منذ ذلك الحين، لم تكن هناك تقارير لإبطال واحد منذ 19 عامًا. في كل مرة تتحدث فيها، تقوم وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، بموازنة محاولة الحفاظ على الموقف التقليدي لإسبانيا بشأن النزاع حول الصحراء، ولكن دون إزعاج المملكة المغربية.
وعلى النقيض من موقف الألماني نيلز أنين، رفضت الخارجية الاسبانية القرار الأمريكي، مشددة على أن “القضايا الدولية لا يمكن حلها من خلال أحادية الجانب” وأنه من الضروري “السعي للحصول على إجماع من المجتمع الدولي”.
لم تشير وزيرة الخارجية الاسبانية الى حق تقرير المصير، وهو ما يصر عليه نائب الرئيس بابلو إغليسياس على صفحته بـ”تويتر”. ورغم أن الدبلوماسية الإسبانية تبدو أكثر تعاطفاً مع الموقف المغربي، لكنها في نظر الرباط مقصرة.