الدين والحياةسلايدر

الإسلاموية وخيانة الموروث الإسلامي بأعين مسلمي أمريكيين (1/2)

بقلم: منتصر حمادة

منذ اعتداءات الدار البيضاء سيئة الذكر، والمؤرخة في 16 ماي 2003، والمؤسسات الدينية منخرطة في تطبيق التوجيهات الملكية بخصوص مواجهة ظاهرة “التطرف العنيف” في شقها المرتبط بالخطاب الديني، لأنه هناك جبهات أخرى، تسهر عليها باقي المؤسسات، من قبيل المؤسسة الأمنية والمؤسسات الاقتصادية والثقافية وغيرها، بصرف النظر عن معضلة التقييم والتقويم، لأنه اتضح بعد مرور 18 سنة على تلك الاعتداءات، وباستثناء أداء المؤسسات الأمنية الذي يبقى نوعياً في هذا المضمار، وبشهادة الخارج، فإن أداء باقي المؤسسات ومنها المؤسسات الدينية، لا زال دون الانتظارات المروجة من دائرة صناعة القرار، على أمل أن تكون هناك إعادة نظر متوقعة في سياق تطبيق معالم النموذج التنموي الجديد، أي تعيين أسماء جديدة، بأفكار جديدة، واستراتيجيات جديدة في تدبير الشأن الديني، دون التقزيم من المكتسبات التي تحققت من قبل، ولكن هناك قاعدة عنوانها “وتلك الأيام نداولها بين الناس” (الآية)، ولم يمكن لأي مسؤول على مؤسسة دينية أن يبقى خالداً في تدبير المؤسسة المعنية.

في هذا السياق، نتوقف عند أحد أهم الأعمال النوعية التي صدرت عن مؤسسة دينية مغربية، بخصوص التصدي النظري لظاهرة التطرف العنيف، والحديث عن كتاب بعنوان “الإسلام والأصولية وخيانة الموروث الإسلامي”، والذي يندرج في جبهة الاشتباك الفكري مع أدبيات الحركات الإسلامية “الجهادية”، بل إن بعض ثناياه تخص حتى الحركات الإسلامية المعتدلة، على اعتبار أن ثناياه تتعرض لنقد أداء الحركات الإسلامية، وميزته أنه صادر تحت رعاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، وهذا موقف يُحسبُ للوزارة، ولو إن هذه المواقف تراجعت في أداء أغلب المؤسسات الدينية، حيث نعاين للمفارقة، غياباً لأي مقالات أو دراسات في إصدارات المؤسسات الدينية، والموجهة ضد الحركات الإسلامية التي تحلم بـ”دولة الخلافة”، أو تنهل من أدبيات “الجاهيلة” و”الحاكمية”.. إلخ، مع أن هذا العمل من صلب المهام التي يجب أن تنخرط فيها هذه المؤسسات، ويكفي الاطلاع على مضامين المواقع الإلكترونية الناطقة باسم هذه المؤسسات، أو قراءة المؤلفات الصادرة عن المراكز البحثية التابعة لهذه المؤسسات، أي تأكيد ذلك الغياب. وهذا موضوع مؤرق.

أشرف على تحرير الكتاب، الباحث المفكر سيد حسين نصر. وشاركت فيه مجموعة من الأسماء البحثية المسلمة التي يجمع بينها أنها تقيم في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي ميزة العمل هنا أنه تجميع لأبحاث كتبها باحثون مسلمون غربيون، بعضهم من معتنقي الإسلام، والبعض الآخر، من المسلمين المقيمين في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا:

ــ فمن جهة، كما يشير تقديم الكتاب، يؤدي هذا الجيل من الباحثين وظيفة تأويل الغرب للمسلمين؛

ــ ومن جهة أخرى، فهم يمثلون أيضاً سفراء للإسلام في الغرب، علاوة على كونهم يفسرون الإسلام للجماهير الغربية، والأمل كبير أن يستفيد كلاهما من الكشف عن بعض التعاليم السامية للإسلام، ومن تطبيق هذه التعاليم على القضايا التي نواجهها الآن.

نحن إزاء عمل يندرج بشكل أو بآخر في تطبيق “حرب الأفكار” التي لا مفر منها في سياق التصدي النظري لمشاريع هذه الجماعات.

جاء الكتاب موزعاً على ثلاثة فصول: “الأسس الدينية” هو عنوان الفصل الأول وتضمن الدراسات التالية: “أسطورة الإسلام المناضل” بقلم ديفيد دكاك (أمريكي مسلم، ومتخصص في علم اللاهوت المقارن والفلسفة الإسلامية)، “أفول المعرفة وظهور الإيديولوجية في العالم الإسلامي”، بقلم جوزيف أ. ب. لمبارد (أمريكي مسلم، أستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة)، “رد إسلامي تقليدي على ظهور الحداثة”، بقلم فؤاد. س. نعيم. (باحث باكستاني، مقيم في الولايات المتحدة بجامعة “ديوك”، ويهتم بالنزعات الفكرية الإسلامية بشبه القارة الهندية).

وجاء الفصل الثاني تحت عنوان “أبعاد تاريخية”، وتضمن الدراسات التالية: “تذكر روح الجهاد”، بقلم رضا شاه كاظمي (باحث مساعد بمعهد الدراسات الإسلامية الإسماعيلية بلندن)، “التمثلات الأوربية الكلاسيكية للإسلام قبل وبعد الحادي عشر من سبتمبر: جذور اعتقاد خاطئ”، بقلم إبراهيم كالين. (أستاذ مساعد في الدراسات الإسلامية بمدرسة الصليب المقدس، حيث يدرس الإسلام والفلسفة الإسلامية وعلم اللاهوت والتصوف والإسلام)

أما الفصل الثالث والأخير، فقد جاء تحت عنوان: “أبعاد سياسية”، متضمناً المقالات التالية: “اقتصاديات الإرهاب: كيف يغير ابن لادن قوانين اللعبة”، بقلم وليد الأنصاري (أمريكي ذو أصل مصري، باحث بمعهد البحث الإسلامي، وهو مجمع للتفكير والبحث بالعاصمة واشنطن)، “العالم الإسلامي والعولمة: الحداثة وجذور الصراع”، بقلم إعجاز أكرم (باحث باكستاني، وأستاذ مساعد في العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة)، وهناك خاتمة حررها ت. ج. ونتر، وجاءت تحت عنوان: “جذب التعصب”، ويشغل الكاتب كرسي الشيخ زايد بن سلطان في الدراسات الإسلامية بمدرسة اللاهوت بجامعة كمبردج.

وبداية، نتوقف عند ما حرّره جوزيف أ. ب. لمبارد، وتكمن أهمية ورقة لمبارد، في أنها ترتحل درجات في النقد، معرجة في الأول على نقد الحركات الإسلامية الجهادية، ثم نقد الحركات الإسلامية المعتدلة، قبل المرور على نقد التيار الإصلاحي عموماً، بالموازاة مع التيار الحداثي، ببعض رموزه السائدة في مجالنا الإسلامي العربي، ويختتم الباحث ورقته القيمة، بما يعتبره البديل، ردا على الانتقادات التي حررها، ولا يخرج البديل الذي يقترحه عن عنوان الكتاب: الإسلام التقليدي، أو العودة إلى خيار التصوف، دون سواه.

ويمكن قراءة دراسة لمبارد في خانة متميزة، إضافة إلى ورقة فؤاد س. نعيم، والذي يُحْسَبُ له تعريف المتلقي العربي بإبداعات المفكر الهندي مولانا علي ثانفي شيشتي.

افتتح لمبارد ورقته بتوجيه النقد الصريح لأداء الحركات الإسلامية المتشددة، أو “الجهادية”، معتبراً أن المتشددين حاولوا تطبيق الآيات بطرق تستدعي ابتداع وخلق معاني مخالفة للمعاني المتفق عليها، وأن “التفسيرات” من هذا القبيل لا تتعارض مع المظاهر الأساسية لعلوم القرآن والتفسير فحسب، بل تستحدث بدعا بممارسة الدين الإسلامي نفسه، مضيفاً أن اختزال الدين في مجرد إيديولوجية، تفرز قلب الوظائف، بحيث لن تكون وظيفته تنقية القلوب وإنما تبرير المطامع الفردية والطموحات السياسية.

رَوّجَ المثقفون في أجزاء عدة من العالم الإسلامي للحل القائم على ضرورة التفاعل مع الحضارات الأخرى على أساس التعاليم الإسلامية، لكن الأصوات الأكثر ارتفاعاً تبقى أصوات أولئك الذين رفضوا الجزء الأكبر من إرثهم الثقافي أو أخطأوا فهمه، والإحالة هنا على العديد من رموز التيار الحداثي، فبالنسبة لغير المتخصص، يضيف لمبارد، فإن صوت هذا الفكر سرعان ما يغرق في صرخات الراديكاليين والمنحازين للغرب “المثقفون الليبراليون” من أمثال محمد أركون وعبد الكريم سوروش. وما دام الغرب يعتبر أن مثل هؤلاء هم قادة الثورة الثقافية القادمة ـ أو مارتن لوثر الإسلام كما يُصطلح عليهم ـ سيتعرض المزيد من الشباب المسلم للراديكالية عن طريق الجهود الواضحة التي تصب في اتجاه استعمار ثقافي مستمر. ومرد ذلك، حسب الباحث، أن جماعة أركون وعبد الوهاب المؤدب والبقية الباقية، تخفق لأنها لا تقدم إلا حلولاً وسطى هي في أحسن الأحوال معتقدية واختيارية، والحال أن جوابا كهذا لا يمكنه تقديم حلول دائمة للتحديات التي يفرضها الغرب، لأن هذه التحديات هي تحديات فكرية تتطلب جواباً فكرياً.

ومن فرط التقاطعات بين الاجتهادات الواردة في هذا العمل، نطلع على مقاربة نقدية مماثلة لما ذهب إليه لمبارد، في ورقة وليد الأنصاري، والذي اعتبر هو الآخر أن الفكر العلماني يساهم في الأصولية الدينية المعاصرة، وذلك بالتعتيم على الأفق الديني الحكيم الذي ينفث إلى داخل معنى الوحي، كما أنه ـ أي الفكر العلماني ـ ليس بالقوة الكافية، أو في “الخطاب الأضعف” بتعبير المفكر السوري برهان غليون، لتحويل الأصوليين إلى علمانيين “جيدين” أو إلى حداثيين متدينين، حيث يحصي غليون ثلاثة خطابات رئيسية في الإسلام اليوم:

ـ الخطاب الإسلامي الحركي، وهو الخطاب الأكثر تلوناً بالفكر الإسلامي.

ـ ثم خطاب الدولة، وهو خطاب الإسلام المتسامح والمعتدل.

ـ وأخيراً، خطاب التكتل العلماني، وهو الخطاب الأضعف بين الجميع، وهذا الفاعل هو الذي يمثل الوعي الشقي في هذا الصراع الثلاثي. (أنظر: برهان غليون. الإسلام وأزمة علاقات السلطة الاجتماعية. ضمن كتاب “الإسلاميون والمسألة السياسية”، والصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية).

واعتبر وليد الأنصاري أيضاً، تقاطعاً مع تأكيد لمبارد أننا بصدد “تحديات فكرية تتطلب جواباً فكرياً” ـ أن الأزمة الراهنة هي أزمة فكرية على أقل تقدير، إلى جانب كونها أزمة سياسية. إنها تظهر غياب المعرفة بالمبادئ الروحية. والمسألة الآن هي مسألة وقت قبل أن تجبرنا المشاكل السياسية والبيئية على إعادة النظر في سياساتنا الخارجية والداخلية على ضوء هذه المبادئ الروحية.

ويضيف الأنصاري أنه بدون تغيير في إدراكنا لقواعد اللعبة على ضوء المبادئ الروحية، وبدون تبني الحلول السياسية والفكرية والاقتصادية الملائمة للمشاكل التي تدفع بالإرهابيين إلى القيام بهجمات ضد الولايات المتحدة، فإن هذه الهجمات من المحتمل أن تتواصل رغم أننا ندعو الله ونلح في الدعاء أن لا تقع مستقبلاً. وإذا وقعت مثل هذه الهجمات، فالسبب لن يكون ضغط الولايات المتحدة على إسرائيل من أجل التحكم في استعمال القوة، كما يدعي ذلك بنيامين نتنياهو، وإنما سيكون هو الفشل الأخلاقي والفكري لكل الأطراف المعنية بهذا الصراع.

من النقاط الهامة التي جاءت في ورقة فؤاد س. نعيم، تسليطه الضوء على مفكر هندي مرموق، ولكنه مجهول في المجال الثقافي العربي، وكان على أغلب المتتبعين لجديد النقد الإسلامي للأسس الفلسفية للحداثة الغربية، انتظار ما حرره فؤاد س. نعيم، حتى نقرأ بعض اجتهادات أحد الأقلام الهندية التي رسخت إسمها في نقد “قداسة الحداثة”.

يفتتح نعيم مداخلته بما جاء في خاتمة مداخلة لمبارد، بالتأكيد على أن إهمال صوت الإسلام التقليدي في الغرب يحرمنا من رؤية الصورة الكاملة للحضارة الإسلامية، حيث أدى هذا الإهمال إلى اختزال الإسلام في ثنائية متناقضة ومضللة، وهي ثنائية “الأصولية” و”التيارات الحداثية”، التي لا يتبعها سوى عدد قليل نسبياً من المسلمين. وعلى هذه الخلفية، تم التصريح غير ما مرة من طرف مفكرين أمثال سلمان رشدي وبرنارد لويس ودانيال بايبس، بأن على الإسلام أن يوائم روح العصر إن هو أراد ألا يستسلم للقوات الأصولية، لولا أن ما تم إغفاله تماماً هو أن المسلمين لا يستطيعون اعتناق لا الحرفية المتزمتة ولا الحداثة، ويبقون مع ذلك مخلصين لدينهم.

يؤاخذ فؤاد س. نعيم على الإنتاج الفكري للعلماء الغربيين، ضخامة ما حرره من أدبيات حول الحداثة في العالم الإسلامي، وحول خصومهم في الجماعات الأصولية والإصلاحية، لكنه ـ ذلك الإنتاج ـ لم يدرس بما فيه الكفاية الأغلبية الواسعة من المسلمين العاديين والمثقفين والعلماء المسلمين، الذين ظلوا تقليديين وأنتجوا أعمالاً في إطراد مع الأفكار والأساليب العلمية والفكرية الإسلامية التقليدية. وقد أدى هذا الوضع، في ما يخص الهند المسلمة، إلى توالي الدراسات حول شخصيات مثل سيد أحمد خان ومحمد إقبال، اللذين كانا حالتين شاذتين في وسطهما، في حين أن الإسلام التقليدي وممثليه تم تجاهلهم إلى حد كبير.

فعلى سبيل المثال، يضيف فؤاد س. نعيم، لم يهتم العلماء الغربيون الدارسون للإسلام بالنهضات التي شهدتها في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الزوايا الصوفية في الهند، مثل الزاوية الششتية والزاوية القادرية، أو بالشخصيات التقليدية الرائدة، مثل الشاعر الصوفي خواجه غلام فريد (توفي سنة 1903) أو بأنشطة المدارس التقليدية، مثل مدارس فرنحبي محل وخير باد وبريلي، وإلى حد كبير كذلك، حتى مدرسة ديوباند نفسها، وتبقى هذه المجالات التي تم تجاهلها من طرف العلماء الغربيين الدارسين للإسلام بحاجة إلى كثير من الدراسة والبحث.

ويبقى مولانا أشرف علي ثانفي أحد أبرز الشخصيات التي تم تجاهلها، ليس فقط في ذلك الإنتاج الغربي حول واقع الحداثة في المجال الإسلامي العربي، ولكن، حتى في إنتاج ومتابعات الأقلام العربية على الخصوص.

ولد مولانا أشرف علي بن عبد الحق الفاروقي ثانفي، المعروف بمولانا أشرف علي، سنة 1863، بثانا بهاوان، وتلقى تعليمه في مسقط رأسه، وفي كلية القساوسة بديوباند، أثناء إقامته بديوباند، كتب إلى شيخ الزاوية الشيشتية ـ الصابرية في مكة حاجي عماد الله، فقبله مريداً له. وكان أبرز الشخصيات الدينية في زمانه، وكان كاتبا وافر الإنتاج ويعتبر أعظم ولي صوفي من أولياء الله الصالحين في الهند الحديثة، عاش حياة نشطة، يدرس ويخطب ويؤلف ويحاضر، ويسافر من حين لآخر.

وللتأكد من مدى جهلنا باجتهادات لمولانا ثانفي، نورد المعطيات التالية، كما جاء في ورقة فؤاد س. نعيم، فهناك ما يربو عن ألف عمل منسوب إليه، مكتوب باللغات الأردية والفارسية والعربية، أغلبها في علوم التفسير والحديث والمنطق وعلم الكلام والحكمة والعقائد والتصوف. ومن بين أشهر أعماله، “بيان القرآن”، وهو كتاب في تفسير القرآن في اثني عشر مجلداً، والكتاب الخاص بإرشاد النساء، “بهشتي زفار” (الزخارف السماوية) الذي لا يخلو بيت مسلم من نسخة منه في جميع أنحاء شبه القارة الهندية، وألف كذلك كتاباً من عدة أجزاء في شرح المثنوي” الكتاب الرائع لجلال الدين الرومي (1207-1273) مقتفياً في ذلك أثر أستاذه الروحي، حاجي عماد الله، الذي كان يلقي خطباً حول “المثنوي” في الحرم الشريف بمكة المكرمة. بالإضافة إلى ذلك، كتب مولانا ثانفي شرحاً صوفياً حول أشعار الشاعر الصوفي الفارسي الكبير، حافظ (1320-1389) واشتهر مولانا ثانفي كذلك بكونه مدافعاً كبيراً عن مذهب محيي الدين ابن عربي (1165-1240). [يبقى الترويج للخطاب الصوفي، أشبه بالخيط الناظم لمضامين هذا الكتاب النافع الصادر عن الوزارة، ويُحسبُ لها أمام تواضع باقي المؤسسات في إصدار مثل هذه الأعمال النوعية]

إن الحداثيين ـ والحديث هذه المرة لمولانا ثانفي، كما جاء في كتابه المرجعي “رد على الحداثة” ـ  يخلطون مخطئين بين قوة الغرب الحديث وصحة أفكاره، ولذلك يريدون تحديث الإسلام لجعله أكثر قوة. أما الأصوليون ـ أو الإسلاميون ـ فيحاولون تقوية الإسلام بزيادة قوته السياسية. وهذه مهمة يمكن أن تؤدي ـ إن لم تكن قد أدت فعلاً ـ إلى استعمال وسائل عنيفة”. إن مقاربة الإسلام التقليدي، وهي المقاربة التي يتبناها مولانا ثانفي، تتحدى المنهجيتين معاً (الحداثية والأصولية) بإظهار أن قوة الإسلام الدائمة تكمن ليس في قوته السياسية، بل في حقيقته، وفي الصحة والقوة الفكرية والأخلاقية التي لا توفرها سوى الحقيقة وحدها.

زر الذهاب إلى الأعلى