أخبار الدارسلايدر

صحيفة “إندبندنت” البريطانية: الجزائر ينتظرها مستقبل مظلم في ظل العسكر واستمرار القمع

الدار- ترجمات

أكدت صحيفة “إندبندنت” البريطانية، الواسعة الانتشار، أن ” لا أحد الا قلة تعتقد أن الانتخابات التشريعية في الجزائر ليوم 12 يونيو الجاري، ستغير الكثير”.

وأشارت الصحيفة في تقرير أعدها “سايمون سبيكمان كوردال”، تحت عنوان “تصعيد واضح في القمع الحكومي في الوقت الذي تتجه فيه الجزائر إلى الانتخابات بعد فترة من الاحتجاجات”، الى أن “الحكومة الجزائرية متهمة بتصعيد حملة الاستفزاز ضد المحتجين المطالبين بالديمقراطية قبل الانتخابات.

الانتخابات صفقة بين “عصابات المافيا”

 ونقلت الصحيفة عن ناشطين في الجزائر ومنظمات حقوق الإنسان في الغرب، انتقادهم اللاذع لـ “القمع “غير المسبوق”، وقال متحدث باسم “هيومان رايتس ووتش” في تصريحات للصحيفة، إن عمليات القمع والاعتقال تعبر عن “تصعيد واضح” في القمع الحكومي”.

واعتبرت ذات الصحيفة أن ” القمع المسلط على المتظاهرين لم يمنعهم  من الخروج،  يوم غد الجمعة وإن بعدد قليل من المشاركين، للتعبير عبر يافطاتهم عن رفضهم من تأثير الدوائر المتمترسة حول الرئاسة، ورفضهم للانتخابات المقبلة على أنها صفقة بين “عصابات المافيا”.

وتابعت الصحيفة البريطانية أنه ومنذ عودة المتظاهرين بعد فترة انقطاع بسبب وباء فيروس كورونا، واجه المتظاهرون وضعا يتناقض مع الوضع المتسامح الذي عاشوه قبل انتشار فيروس كورونا الذي أجبرهم على ترك الشارع.

الزج بـ175 ناشطا في السجون

وتشير الصحيفة البريطانية الى أن السلطات الجزائرية، و الممسكين الفعليين بدوائر القرار، يحاولون تقديم الانتخابات المقبلة على أنها جزء من عملية إصلاح مدارة ومستقلة سيتم البدء بها بناء على مطالب الحراك”، غير أنه في الوقت نفسه، تتجنب السلطات المطلب الرئيسي للحراك وهو إنهاء النظام  الغامض للضباط العسكريين وأصحاب الأعمال أو ما يطلق عليه بالفرنسية “لوبوفوار” المحيطة بالرئاسة والذين يعتقدون أنهم قايضوا نجاتهم وحفاظهم على السلطة على حساب تقدم البلاد”.

 وقالت ذات الصحيفة في تشخيصها للوضع السياسي والاجتماعي والحقوقي بالجزائر، انه في الوقت الذي اتسمت فيه التظاهرات بالسلمية، إلا أن “الرد الوحشي” أصبح مظهرا عاما منذ عودة الحراك في فبراير الماضي”.

وأضافت أن ” العنف والاعتقال التعسفي بات الحالة العامة، حيث تم اعتقال 15 صحافيا وتعرض بعضهم للضرب أثناء مظاهرة  في ماي”، مبرزة أن ” منظمات حقوق الإنسان  تقدر عدد الناشطين الذين اعتقلوا في نهاية ماي المنصرم،  بحوالي 175 ناشطا تم رميهم في سجون الجزائر.

وتشير بعض التقديرات، الى دخول حوالي 3000 شخص من أبواب السجون المكتظة منذ عودة الحراك في فبراير هذا العام.  وفي هذا الصدد، قول أحمد بن شمسي، مدير الاتصالات في قسم شمال أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش: “منذ تجدد الاحتجاجات شاهدنا اتهامات بالهجمات العنيفة في زنازين الشرطة واغتصاب.. بلا شك فإننا نشاهد تصعيدا واضحا في قمع الحكومة الجزائرية”.

من جهتها، تصف “ألجا سامية صغير”، حس الملاحقة وعدم الشعور بالأمان بقولها: “الناس خائفون حتى من الذهاب إلى التسوق. وفي كل جمعة، نقوم بعقد خلايا طوارئ ونقضي وقتا في النهار بل وفي الليل ونحن نبحث عن الرفاق في مراكز الشرطة“. ولن تصوت “ألجا” أو أي من الأحزاب اليسارية في انتخابات يونيو، والتي لا تعرف نتائجها رغم المشاركة الضعيفة المتوقعة فيها.

اصلاح النظام السياسي..أبرز مطالب الحارك

وتؤكد الصحيفة البريطانية أنه رغم اطاحة الحراك الشعبي بالرئيس المقعد عبد العزيز بوتفليقة، و انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون في دجنبر 2019، والاستفتاء على الدستور بعد عام، ظل الاعتراف بالمطلب الرئيسي للحراك وهو إصلاح النظام السياسي، دون إجابة.

وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي زين العابدين غبولي : “قبل عامين، وفي 8 مارس خرج 10 ملايين للاحتجاج كجزء من الحراك” أما “هذا العام فقد شاهدنا حوالي عشرين ألفاً”. ويقول غبولي إن انخفاض عدد المحتجين سمح بحدثيْن، فقد فتح المجال للإسلاميين، وحركة رشاد على الأقل المرتبطة بجبهة الإنقاذ الإسلامية المحظورة، فهتافهم ضد قوات الأمن والتي أعادت التذكير “بالعقد الأسود” الذي بدأ بعد إلغاء انتخابات عام 1990 التي فازت بها جبهة الإنقاذ”. مضيفا: “هذه الفكرة كونك ضد أجهزة الأمن والدولة تجد آذانا صاغية بين يساريي الحراك” الذي تعرض معظمهم للقمع على يد الدولة، و”لكنها تدعم فكرة الحكومة أن الحراك قد اختطف”.

مستقبل جزائري قاتم

ويرفض حراكيون ومحللون هذا الطرح، الذي تروج له دعاية السلطة،  وتنقل الصحيفة عن المحلل بن شمسي قوله إن محاولة التفريق بين الحراك القديم والحالي عبثية مهما كانت مكوناته. وهي تشير إلى عقلية لم تتغير بتغير الوقت أو الأحداث الأخيرة: “لم يتغير شيء، ولا تزال السلطة هنا”. وما يجمع بين عناصر “السلطة” هي العلاقة الشخصية التي تعود إلى حرب الاستقلال مما يعني أن معظم أعضائها في عمر السبعين الآن، و”هم منفصمون عن الواقع”.

وخلصت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية  إلى أن لا أحد يجادل في تنظيم الانتخابات المقبلة، ومهما كان الأمر، فمكاسب الحراك لا يمكن الجدال بها، لكن السؤال يظل حول الحكومة الجزائرية التي يقودها كبار في السن. وهم يواجهون وضعا لم يعد فيه النفط أداة إرضاء المواطنين، فتصديره في تراجع مستمر، مما يعني أن مجال المناورة يقصر أمامهم. وفي بلد سكانه شباب ويعتمدون على دعم الدولة السخي، فالتحدي أمام النخبة المسنة الحاكمة كبير.

زر الذهاب إلى الأعلى