أخبار الدار

منيب وبنعبد الله يُشرِّحان الوضع السياسي والاجتماعي المغربي

الدار/ عفراء علوي محمدي -تصوير: مروى البوزيدي

جسد كل من نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ونبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، صورة قاتمة عن الوضع السياسي في المغرب، وأجمعا معا بأنه من الصعب النهوض بالبلاد في الظروف الراهنة، بوجود خطر مرتبط بالموجة الإسلامية، وانعدام قوى سياسية فاعلة قادرة على مواجهة هذا المد وبناء الديمقراطية المنشودة.

وأكد المتدخلان، اللذان كانا يتحدثا في حوار مفتوح مع الصحافة، اليوم الأربعاء بسلا، أن السياسيين والأحزاب السياسية الموجودة في الساحة الآن غير قادرة على تكريس الانتقال الديمقراطي، ونتيجة حركة 20 فبراير ظهور حكومة بوجه جديد، حكومة إسلامية بمختلف تلاوينها، إلا أنها لم تستطع تحقيق المراد والمغاربة الآن حائرون، ويبحثون على البديل، وفق تعبيرهما.

وحول دستور 2011 الذي جاء بمقتضيات جديدة تضمن الحقوق وتكرس مبادئ المساواة وفصل السلط، أكدت نبيلة منيب، في الحوار الذي نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، وشارك فيه مجموعة من الباحثين والإعلاميين، أن "هذا الدستور ليس قرآنا مقدسا، وكانت لجنة واحدة معنية بإصداره، وكانت وظيفته الأولى والأخيرة هي امتصاص الغضب الشعبي"، بينما اعتبر نبيل بنعبد الله أنه "ليس كاملا مكمولا، فهو بعلته صحيح، لكنه يحمل هاجسا إصلاحيا".

وأضاف بنعبد الله أنه "ما يمكننا القيام به كحداثيين ديمقراطيين تقدميين وفق دستور 2011، علينا أن نذهب بديمقراطية بسلطة تنفيذية فعلية تعود للأحزاب، مع تعزيز دول الملكية كسلطة أولى في البلاد، ويجب أن تكون الأحزاب مستقلة لتصطف مع من تريد، وتناضل من أجل كسب ثقة الشعب".

وفي سؤاله حول مشاركة حزبه في ائتلاف حكومي لا يتوافق مع توجهاته اليسارية، ما دام اليوم يتكلم بلهجة حزب معارض، اعترف بنعبد الله بأن حزبه قام بمجموعة من الأخطاء التي يبادر الآن بتصحيحها، مؤكدا أنه "من الصعب عليه الآن أن يحدث تحولا إيجابيا من داخل الحكومة".

وأكد بنعبد الله أن الظروف السياسية لم تعد مواتية لخلق التحول المنشود، وبذلك "وجب البحث عن بدائل جديدة، لأن البدائل الحالية غير كافية، وأنا مجرد أمين عام، وحدودنا الحزبية غير كافية لإحداث التحول، ونحن بحاجة إلى التفكير والتحليل"، على حد قوله.

وأوضح بنعبد الله أن المواطنين واعون بالخطورة التي آلت إليها الأوضاع، إذ "يعيشون نوعا من الحيرة، وأينما ذهبنا، سواء في الأوساط الغنية أو الفقيرة، الكل يطرح السؤال نفسه، وهو: أين يسير المغرب"، وفق تعبيره.

وعن إمكانية بناء اليسار في الظرفية الراهنة كحل لتجاوز الأزمة، نفى بنعبد الله أن يكون ذلك أمرا ناجعا، فـ"اليوم علينا أن نعترف، وبكل شجاعة، بشيء أساسي بغض النظر عن المسؤولية في ذلك، واقع تراجع اليسار عالمي، ولا يمكن في المغرب أن نرتاح لاوضاع اليسار، او نعتمده كمقاربة إصلاحية دون تطويره".

وعلى الرغم من التراجعات التي تحدث عنها الأمين العام، والإخفاقات تسببت في تدهور الاوضاع السياسية والاجتماعية للبلاد، "لا يمكن أن نكون عدميين، وألا نتدحث عن الإنجازات والمشاريع التنموية، فمغرب الآن ليس هو مغرب 1990، لقد تطورا بوتيرة كبيرة ومشرفة، وعلينا أن نعترف بهذا الأمر"، حسب بنعبد الله.

وأضاف المتحدث ذاته قائلا "لا يمكن لأحد أن ينكر أننا شهدنا تحولا، وحققنا مكتسبات في الساحة الديمقراطية والسياسية في مجال حقوق الإنسان، والإنصاف والمصالحة التي عملت على طي صفحة الماضي مع المعتقلين السياسيين، والاعتراف بالحقوق الثقافية والأمازيغية، وإعطاء نفس جديد للاقتصاد الوطني، وإن كان التطور في المجال الاجتماعي بدرجة أقل لكنه تحصيل حاصل".

واختلفت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد، في تصورها للوضع السياسي في المغرب مع بنعبد الله، حيث قالت إن المغرب يعاني من إشكالات جمة، وأن فترة الاستعمار لا تختلف عن الفترة الحالية في شيء، قائلة "المغرب يسير خطوة إلى الأمام وخطوات إلى الوراء، وأرقام المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الأعلى للحسابات خير مثال ودليل، فليس هذا هو المغرب الديمقراطي الذي كانت تحلم به الحركة الوطنية".

واستنكرت منيب، في تفاعلها مع أسئلة الصحافيين الحاضرين، دخول فعاليات لا علاقة لها بالسياسة إلى الحكومة، "لأننا نرى للأسف الآن شخصيات في عالم الاقتصاد تمارس السياسة، بالإضافة إلى ظهور قطبين زورا الانتخابات الأخيرة، قطب إسلامي قد تصل به الجرأة لاستعمال خطاب إرهابي، وقطب حداثي لا يمت الحداثة بصلة".

وأكدت منيب أن المغرب "محتاج لديمقراطية حقيقية، تستوعب التغيرات الحالية، وتكرس مبدأ فصل السلط، وتحتم على الحكومة تطبيق برنامجها بمسؤولية، وتضمن حقوق الإنسان وتقلص الفوارق الطبقية".

وبخصوص قطاع التعليم، انتقدت منيب مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتعليم، معتبرة أنه "يضرب المجانية بإدخال رسوم على التسجيل، وفي ذلك إقصاء لأبناء الفقراء من المدرسة العمومية"، كما أكدت أن فرض التعاقد على الأساتذة "هي عقدة تخريب المؤسسة العمومية "، وفق تعبيرها.

وزادت "نريد مدرسة موحدة كي يدرس المغاربة المحتوى نفسه، في المدن والقرى، بفرص متكافئة، كما على الدولة أن تعتبر الاستثمار في التعليم وتمويل البحث العلمي".

وحول النموذج التنموي الحالي، سجلت منيب أنه فشل في تحقيق أهدافه، "لأننا لا نسعى إلى محاربة الفساد، "باش مايبقاوش يقولو لينا ماعندناش باش نمولو"، والمشروع البديل يجب أن يراعي التوازنات الاجتماعية والبيئية وضمان المساواة الكاملة بين الجنسين"، وفق قولها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة × 5 =

زر الذهاب إلى الأعلى