سلايدرمال وأعمال

الامتداد الاقتصادي للمغرب في إفريقيا..رؤية ملكية طموحة قائمة على مقاربة “رابح-رابح”

الدار- خاص

لم تكن الزيارات المتتالية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس الى عدد من البلدان الإفريقية الشقيقة سوى محصلة لعلاقات مغربية-افريقية تؤكد الامتدادا الجغرافيا، والتاريخي للمغرب الكبير في القارة الافريقية.

وعلى مر التاريخ، شكلت المملكة حلقة وصل بين الشمال والجنوب وكانت مسارا لتجارة القوافل على الصعيد الإفريقي، كما أن الروابط الثقافية والدينية والروحية بين المغرب و عدد من البلدان الافريقية كانت أوثق، بسبب اقتسام هذه البلدان لوحدة المذهب مع المملكة المغربية، المذهب السائد في كثير من الدول الإفريقية الى جانب الطرق الصوفية.

الامتداد المغربي في افريقيا لا يقتصر على الجوانب الدينية، والروحية والثقافية فقط، بل يمتد، أيضا الى الجانب الاقتصادي، اذ يحتل المغرب المرتبة العشرين على صعيد الاستثمارات في إفريقيا بقيمة استثمارات تقارب 400 مليون دولار والتي لا تمثل سوى 0,4 في المائة من إجمالي الاستثمارات في إفريقيا.

وايمانا من المغرب تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس بالمؤهلات الاقتصادية، والاستثمارية والبشرية التي تتوفر عليها القارة الافريقية، قام بإلغاء ديون الدول الإفريقية الفقيرة، كما تم توقيع عدة اتفاقيات مع الاتحاد النقدي لدول غرب افريقيا.

الاتفاقيات الاقتصادية التي وقعها المغرب مع عدد من الدول الافريقية، كان لها تأثير إيجابي واضح على حجم الاستثمارات المغربية في القارة، اذ يشير تقرير رسمي صدر، مؤخرا، عن مؤسسة تابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وتحديث الإدارة، الى أن الاستثمارات المغربية في القارة الإفريقية انتقلت من 907 ملايين درهم عام 2007 إلى 5.4 مليار درهم عام 2019.

وتتألف هذه الاستثمارات، بشكل أساسي، وفقا للتقرير المذكور، من استثمارات مباشرة في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، في أكثر من 14 دولة على رأسها كوت ديفوار، وتشاد والسنغال ومدغشقر والكاميرون وموريشيوس.

رغبة المغرب في اقتحام عدد من الأسواق الافريقية الواعدة لا تحكمه أجندات أو رهانات معينة، بل الباعث وراء ذلك هو أن أفريقيا اليوم في حاجة إلى تطوير القطاع البنكي لتسهيل ولوج الشركات الصغيرة والمتوسطة للتمويل، كما تحتاج القارة إلى تطوير صناعة الأدوية، وتقوية البنيات التحتية، والكهرباء والسكن، وإلى تحسين المردودية الفلاحية، ومن هنا تتضح أهمية وقوة الاستثمارات المغربية، لأنها تستجيب لهذه النقائص وتستثمر فيها بهدف تحسين ظروف المواطنين الأفارقة، كما شدد جلالة الملك محمد السادس في عدد من الخطب.

كما أن المغرب ينطلق في رؤيته لإفريقيا المستقبل من مقاربة تقوم على “رابح-رابح”، والتي ترتكز على رؤيةٍ استراتيجية، عمادها ربط الشراكات القوية بين المغرب ودول أفريقية، خصوصاً في جناحها الغربي.

والذي يميز العلاقات الاقتصادية بين المغرب و الدول الافريقية هو كون الاستثمارات المغربية في هذه الدول تتميز بالتنوع، حيث نجد قطاعات البنوك والفلاحة والمعادن والخدمات في المُقدمة، علاوة على قطاعات اقتصادية أخرى، دون نسيان أن المملكة تستثمر بقوة في الجانب الاجتماعي، أيضا من خلق فرص شغل للشباب، ودعم الفلاحة وانتاج الطاقات المتجددة، وهو ما من شأنه أن يضمن الاستقرار الاجتماعي بهذه الدول الافريقية، وتجنب الفوضى والاجرام، والهجرة غير النظامية.

وبلغة الأرقام، والمؤشرات الاقتصادية نجد أن الصادرات المغربية الى القارة الإفريقية زادت بنسبة 11 في المائة في المتوسط لتبلغ 21.6 مليار درهم في سنة 2019، وفقا لأرقام مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة المالية، أي ما يمثل 7,7 في المائة من إجمالي صادرات المغرب مقابل 3,7 في المائة في عام 2000.

وبحسب الوزارة، فهذه الصادرات، تتكون أساسا، من المنتجات شبه المصنعة، والمنتجات الغذائية والمشروبات والتبغ، والمنتجات الاستهلاكية النهائية، ومنتجات المعدات الصناعية الجاهزة ومنتجات الطاقة ومواد التشحيم، كما سجلت الواردات ارتفاعا بنسبة 9 في المائة في المتوسط السنوي، لتبلغ 17,9 مليار درهم في عام 2019.

وفي هذا الصدد، يرتبط المغرب ونيجريا بمشروع ضخم من خلال خط الغاز بين البلدين، الذي سيمر بكل من بنين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، على أن يمتد الأنبوب على طول 5660 كيلومترًا.

كما اتخذت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، خطوات عديدة نحو القارة الإفريقية بتوقيعها شراكة مع إثيوبيا لبناء أكبر مصنع للأسمدة في القارة بتكلفة إجمالية تبلغ 3.6 مليار دولار.

وعلاوة على ما سبق، يعتمد المغرب في اطار رؤيته الجديدة نحو افريقيا على البنوك، حيث تنشط البنوك المغربية في 30 دولة إفريقية، أغلبها في غرب القارة، لكن في السنوات الأخيرة اتجهت إلى شرقها أيضًا خاصة بعد شراء بنك باركليز مصر سنة 2016 من أكبر بنك في المغرب “وفا بنك”.

وتمكنت المصارف المغربية سنة 2018 من الحصول على 27.8% من حصة السوق في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، وأكثر من 30% من حصة صافي الدخل العام في المنطقة، كما ناهزت استثمارات البنوك المغربية في إفريقيا 17.5 مليار درهم (1.84 مليار دولار) خلال الفترة (2007 – 2017)، فيما تعد بنوك “التجاري وفا بنك” والبنك المغربي للتجارة الخارجية لإفريقيا الذي أصبح “بنك أوف أفريكا” و”البنك الشعبي المركزي” أبرز المؤسسات المصرفية التي تنشط في افريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى