رئاسة النيابة العامة.. جهود متواصلة لتحسين الأداء العام وخدمة المرتفقين رغم الظرفية الصحية الاستثنائية
بشرى أزور
تسهر مؤسسة رئاسة النيابة العامة على تطوير أداء وسير عمل النيابات العامة وتعزيز ولوج المرتفقين لمختلف مصالح العدالة، وذلك في ظل ظرفية استثنائية تتسم بتفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.
فسواء تعلق الأمر بتحسين الأداء العام للنيابات العامة أو بتنفيذ السياسة الجنائية، تعمل رئاسة النيابة العامة، ومنذ استقلالها بتاريخ 07 أكتوبر 2017، على تطوير الأداء وتعزيز النجاعة في شتى مجالات تدخلها. إذ وبعد السنوات الثلاث الأولى التي ركزت على تعزيز الهياكل الإدارية والموارد البشرية، تنصب جهود المؤسسة على تأهيل هذه الموارد البشرية عبر التكوين المستمر في مجالات عملها، وتطوير المنظومة المعلوماتية.
وفي هذا الصدد، وتكريسا لمفهوم الإدارة الحديثة، يوضح التقرير السنوي الرابع لرئاسة النيابة العامة برسم 2020، بادرت رئاسة النيابة العامة إلى تنزيل خطة للعمل عن بعد في سياق الطوارئ الصحية، لتأمين استمرار الخدمات، حيث ساهم ظهور الفيروس في تسريع وتيرة الرقمنة التي اعتمدتها المؤسسة في استراتيجية تطوير الأداء.
إذ وخلال فترة الطوارئ الصحية، وانخراطا منها في الجهود المبذولة وطنيا، عملت رئاسة النيابة العامة على اتخاذ جملة من التدابير الوقائية، سواء على مستوى المقر المركزي أو على صعيد النيابات العامة لدى المحاكم، بهدف الإسهام في تطويق انتشار الجائحة، موازاة مع ضمان تسهيل الولوج إلى الخدمات القضائية للنيابات العامة.
وشملت التدابير الاحترازية على مستوى النيابات العامة لدى المحاكم، على الخصوص، اعتماد التشكي عن بعد، وتقليص الوافدين على النيابات العامة، واعتماد المحاكمة عن طريق تقنية التناظر المرئي.
وفي هذا الصدد، مكنت تجربة المحاكمة عن بعد، التي تم اعتمادها في إطار التدابير الاحترازية للحد من انتشار “كوفيد 19″، من البت في 88 ألف و79 قضية تهم المعتقلين خلال الفترة ما بين 27 أبريل 2020 ومتم السنة، حيث تم عقد 14 الف و161 جلسة عن بعد، مثل أمامها المعتقلون حوالي 267 الف و200 مرة وتم الافراج عن حوالي 8 الاف معتقل مباشرة بعد الجلسات.
يرصد التقرير ارتفاعا في مختلف مجالات الأداء العام للنيابات العامة، إذ انتقلت المحاضر المعالجة من مليون و776 ألف و280 محضرا خلال 2019 إلى مليونين و75 ألف و233 محضرا سنة 2020، بزيادة تقدر ب17 بالمائة، كما ارتفع عدد المقدمين بثلاثة بالمائة مقارنة مع 2019، ليصل إلى 648 ألف و296 شخصا، وارتفعت أيضا المراسلات الإدارية وإجراء التنفيذ الزجري ب2.5 بالمائة رغم ظروف العمل الاستثنائية التي عرفتها النيابات العامة. بدوره، عرف معدل إجراءات قضاة النيابة العامة لدى المحاكم العادية ارتفاعا طفيفا خلال 2020 مقارنة مع 2019، يقدر ب1.7 بالمائة، أي ما مجموعه 6898 إجراء سنويا، وذلك وفق التقرير الذي يسجل في الوقت نفسه انخفاضا في عدد قضاة النيابة العامة، إذ بلغ عددهم بالمحاكم العادية (ابتدائية واستئنافية) 956 قاضيا، معتبرا أن هذا الوضع لا يتناسب مع مع الارتفاع الكبير الذي يشهه واقع الممارسة القضائية.
أما في مجال تنفيذ السياسة الجنائية، فيسلط التقرير الضوء على دور النيابة العامة في حماية الحقوق والحريات، خاصة ما يتعلق بالتصدي للانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان، إذ عملت مختلف النيابات العامة لدى المحاكم على التفاعل إيجابا مع جميع الادعاءات المتعلقة بالتعذيب والعنف وسوء المعاملة.
وتعزيزا للدور الوقائي للنيابات العامة للسهر على احترام الحقوق الأساسية للأشخاص، فقد تم الحرص على إجراء زيارات منتظمة لكل أماكن الاعتقال رغم الظرفية الوبائية.
وتم، في إطار ترشيد الاعتقال الاحتياطي، تسجيل انخفاض في عدد أوامر الإيداع بالسجن، وبالتالي انخفاض عدد المأمور باعتقالهم احتياطيا بأكثر من 7000، كما انعكست جهود النيابات العامة إيجابا على عدد الأحكام بالبراءة الصادرة في قضايا المعتقلين.
أما في مجال تخليق الحياة العامة وحماية المال العام، مكن الخط المباشر للتبليغ عن الفساد، إلى متم 2020، من تسجيل 164 حالة تلبس بجريمة الرشوة. وبلغت نسبة معالجة النيابات العامة للشكايات ذات الصلة بالجرائم المالية 84 بالمائة، على الرغم من الإجراءات المرتبطة بتطبيق حالة الطوارئ الصحية.
وبعد أن أضحى استقلال النيابة العامة مكرسا قانونا ومؤسساتيا من خلال حلول رئيسها محل وزير العدل في ممارسة كل الاختصاصات والصلاحيات بشأن الإشراف على النيابات العامة، فإن تعزيز استقلال النيابة العامة يتطلب إجراءات تهم على الخصوص المواكبة التشريعية لاستقلال النيابة العامة، وتعزيز التعاون والتنسيق بين رئاسة النيابة العامة وشركائها.
إن مؤسسة رئاسة النيابة العامة تساهم، وباعتبارها مكونا من مكونات السلطة القضائية، في مختلف أوراش إصلاح قطاع العدالة، باستمرارها في نهجها المبني على الدفاع عن استقلال السلطة القضائية، واتخاذ جميع التدابير القانونية من أجل تعزيز حماية الحقوق والحريات.
المصدر: الدار-وم ع