خبراء يبرزون دلالات الحملة “الفيسبوكية” للتصويت ضد “البيجيدي”
الدار/ عفراء علوي محمدي
يخوض نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حملة موسعة بعنوان "لن نقاطع الانتخابات"، تعتمد على "هاشتاغات" متنوعة، للمطالبة بعدم التصويت على حزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات التشريعية القادمة، مع الدعوة، في الوقت نفسه، إلى المشاركة في الانتخابات، من أجل إضعاف الحزب.
"هاشتاغ"، #لن_نقاطع_الانتخابات، لقي نجاحا كبيرا في أوساط العالم الافتراضي الأزرق، إذ همّ إلى مشاركته الآلاف من الشباب والمدونين، ليدقوا ناقوس الخطر بطريقتهم لتردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب البيجيدي، ويحذروا من التصويت على الحزب لمرة أخرى حتى لا يحتدم الوضع السياسي في البلاد أكثر، مشيرين إلى أن "أكبر كوارث الحزب كانت الإجهاز على مطالب المواطنين، وقمع المتظاهرين، وفرض التعاقد، وغلاء الأسعار".
ناشيد: "البيجيدي" يعتمد على كتلة ناخبة ثابتة وكتائبه الإلكترونية تشجع على المقاطعة
وفي تعليقه على الموضوع، أشاد سعيد ناشد، الباحث المختص في قضايا الإسلام السياسي، بالوعي الجديد الذي تكون لدى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من خلال هذه الحملة، والذين "أصبحوا موقنين بأن المقاطعة تخدم تيار العدالة والتنمية بدرجة كبيرة"، وذلك لأن "البيجيدي يستمد قوته الانتخابية من خلال كتلة الناخبين الثابتة التي يمتلكها".
واعتبر ناشيد، في تصريح لموقع "الدار"، أن القوة الانتخابية التي تستطيع هزم حزب العدالة والتنمية "موزعة على باقي التيارات السياسية الأخرى، فضلا على كتلة المقاطعين التي تشكل نسبة كبيرة من شرائح المجتمع المغربي"، مؤكدا أن ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات لا يخدمه على الإطلاق، "وهذا هو الضامن لكسر هذه الكتلة الناخبة الإسلامية"، وفق تعبيره.
وسجل ناشيد أن التيار الانتخابي للحزب الإسلامي "قائم على الولاء الإيديولوجي والمنفعي، الذي يستمد قوته من شبكة جمعيات متشعبة ذات طابع إحساني، أسسها في غفلة من الجميع، ولا علاقة لها بالسياسة.
وعن الحملة، قال الباحث نفسه إنها تعبير عن بوادر الوعي بأن خيار المقاطعة ليس في مصلحة الوطن، "وليس موقفا نضاليا طالما يخدم هذه الحكومة التي تسببت في مجموعة من المشاكل.
وأكد ناشيد أن كتائب الحزب الإلكترونية تتجه دائما إلى تحريض نشطاء "فيسبوك" على مقاطعة الانتخابات والعزوف الانتخابي، "وذلك لأن الحزب في صالحه ذلك، ما دام يعتمد على كتلة ناخبة ثابتة".
وأضاف أن "البيجيدي" يقتات من ضعف الأحزاب الأخرى، فضلا عن ضعف المجتمع المدني والعمل النقابي، ليبقى بارزا دائما، ولذلك "يجب إصلاح قوانين الانتخابات حتى تكون مشروعة، ويتم الاعتماد على عتبة مرتفعة للمشاركة، لإعادة الثقة للمواطنين"، على حد قوله، مبرزا أن المسؤولية في هذا الأمر على عاتق أحزاب اليسار والحركة الوطنية، من خلال اعتماد برامج انتخابية واقعية تخاطب الناخبين بلغة بعيدة عن المزايدات".
الهيني: أضم صوتي إلى مناصلي الحملة وآن أوان انسحاب الحزب "الظلامي"
بدوره، قال محمد الهيني، المحامي والناشط الحقوقي، إن من الخطأ القول بأن حزب العدالة والتنمية يملك شعبية، "خصوصا وأن المتعاطفين معه دائما يكونون في خارج المغرب، فضلا عن مريدين ينتمون إلى الحزب نفسه ومصوتين ثابتين".
وأضاف الهيني، في تصريح لموقع "الدار"، أن الحزب "يقوم بقرارات مجحفة في حق المواطنين، ويفعل المستحيل لخدمة مصالحه الشخصية والانتخابية، ويفعّل قرارات مجحفة تضر الفئات الهشة، وبما أنه يملك كتلة انتخابية ثابتة، فمقاطعة الانتخابات في صالحه"، مؤكدا أنه يضم صوته لهذه الحملة ضد هذا "الحزب الظلامي"، حسب وصفه.
وسجل الهيني أن الحملة تعبر عن نشوء وعي جديد تدمر من سياسة الحزب، وستقوم بمعاقبته ليس بالمقاطعة كما كان في السابق، بل بمنهجية جديدة، تعتمد على إضعاف الحزب من خلال المشاركة الانتخابية، بالتصويت على أحزاب أخرى.
"الحزب ينبني على عقيدة إيمانية وليس سياسية، هو حزب بعتقد أنه يحمي الإسلام، والإسلام منه براءـ لأن الحكومة رجعية ولا تؤمن بالقانون والديمقراطية، كما تشن مجموعة من المعارك ضد الأستاذ والمواطن"، يقول الهيني.
الكنبوري: من الصعب معرفة الجهة داعية للحملة
من جهته، قال إدريس الكنبوري، المحلل السياسي والمفكر المغربي، أن حزب العدالة والتنمية فقد الكثير من شعبيته، بسبب توليه لرئاسة الحكومة لولايتين، وهذا ما تسبب في إعلان مجموعة من الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي التصويت ضد الحزب الإسلامي.
وزاد الكنبوري، في تصريح لموقع "الدار"، أن هذه الحملة "غير محددة الأبعاد والمعالم، لأننا لا نعلم بعد من الداعي إليها، ولا عدد الفاعلين بها، ولا أعمارهم والفئة التي ينتمون إليها"، مبرزا أن من حق أي مواطن خلق مجموعات من هذا القبيل، مهما كانت الأسباب، للتعبير عن رأيه في هذا الباب.
"المقاطعة أو التصويت حق مضمون لكل مواطن، وحزب العدالة والتنمية على كل حال لا زال محتفظا بجزء من شعبيته، كغيره من الأحزاب، لكنه تأثر بشكل كبير بسبب توليه للمسؤولية الحكومية على مدى ثمان سنوات.
الشرقاوي: الحملة مبكرة جدا وقد تخدم مصلحة الشعب عوض إضعافه
من جانبه، قال عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري في كلية القانون بالمحمدية، إنه من صالح الحزب أن تكون القاعدة الانتخابية ضعيفة، لأنه يعتمد على نسبة ناخبين ثابتة ولا تتغير، و"الدليل أن الحزب حصل على مليون صوت فقط في انتخابات 2011 و2016، بينما شارك في الانتخابات الأخيرة ما يقارب 6 مليون ناخب"، معتبرا أن هذه الكتلة تصوت على الحزب من منطلق "الشيخ والمريد"، وليس بناء على إنجازاته وبرنامجه الانتخابي، ولذلك فالعزوف في هذا الإطار سيخدم مصالح "البيجيدي" الانتخابية.
وأكد المتحدث، في تصريحه لموقع "الدار"، أن هذه الحملة ابتدأت قبل أوانها بسنوات، بحكم أن "الناخب المغربي لا يعتمد كثيرا على أمور حدثت في الماضي، بل قد يغير رأيه في أي لحظة إبان الحملة الانتخابية، أو في الدقيقة الأخيرة".
وقد تكون للمطالبة بالتصويت ضد العدالة والتنمية انعكاسات إيجابية، حسب الأستاذ الباحث، "الحملة التي يعتقد البعض أنها ضد "البيجيدي" قد تكون حملة إشهارية للحزب حتى يسترجع شعبيته، ويوقن الأفراد أن هناك هيئات معينة معادية للحزب تشن ضده هجومات لتصفية حسابات شخصية، خصوصا وأننا لا نعلم من يقف وراءها.
واعتبر نشطاء "الفيسبوك" أن أعضاء حزب العدالة والتنمية "تنقصهم الحكمة السياسية والجرأة في اتخاذ القرارات ذات الإجماع والتي تفيد الصالح العام للوطن، وأن المواطنين "لم يعودوا يثقون بسبب ذلك".