أخبار الدارسلايدر

هذه دلالات الحركة الانتقالية الواسعة لرجال السلطة

الدار/ تحليل

أقدمت وزارة الداخلية أخيرا، على تنفيذ حركة انتقالية في صفوف رجال السلطة همت 1819 منهم، يمثلون 43 في المئة من مجموع أفراد هذه الهيئة العاملين بالإدارة الترابية.
وحسب بلاغ للوزارة، فإن “الإعداد لهذه الحركة، تم عبر تطبيق نظام المواكبة والتقييم الشامل بـ 360 درجة، المبني على مقاربة أكثر تثمينا للموارد البشرية وأكثر موضوعية في تقييم المردودية، تجعل من المواطن محورا في تقييم الأداء.”
وهنا يتوجب، قبل الخوض في دلالات هاته الحركة الانتقالية الواسعة، الوقوف ملياً عند المعنى الاصطلاحي “لنظام التقييم 360 درجة”، باعتباره تقييما شفاف “وعادلا” يتجاوز “التقييم الهرمي/العمودي”، الذي يمارسه المدراء والمفتشون المركزيون، الى “تقييم أفقي”، يساهم فيه كل المتداخلين/المتعاملين مع “الموظف العام”، سواء تعلق الأمر برؤسائه، مرؤوسيه، زملاؤه في العمل، المواطنين والمرتفقين، بل وحتى من خلال اجرائه هو نفسه لـ “تقييم ذاتي” لأداءئه الوظيفي.
تقييم متعدد، يضمن الوصول الى نتيجة دقيقة بنسبة كبيرة، بشأن أداء ومردودية الموظف العام، فضلا عن تفادي كل ما من شأنه التشكيك في هاته العملية برمتها، أو التجريح في القائمين عليها، الى جانب سد الباب أمام كل “تقييم غير موضوعي”، سواء كان إنتقاميا أو محابياً.
واليوم فإن هاته الحركة الانتقالية، التي أسفرت عن إعفاء العشرات من رجال السلطة وتنزيل رتب آخرين، إلى جانب ترقية قسم كبير من نساء ورجال السلطة، لم تأت سوى تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، الداعلية الى الرقي بأداء “الموظف العمومي”.
وسبق للملك محمد السادس، التطرق الى ذلك في خطاب الذكرى 18 لعيد العرش، قائلا : “(..) أما الموظفون العموميون، فالعديد منهم لا يتوفرون على ما يكفي من الكفاءة، ولا على الطموح اللازم، ولا تحركهم دائما روح المسؤولية.بل إن منهم من يقضون سوى أوقات معدودة، داخل مقر العمل، ويفضلون الاكتفاء براتب شهري مضمون، على قلته، بدل الجد والاجتهاد والارتقاء الاجتماعي.
وأضاف الملك في خطابه : “ولوضع حد لهذا المشكل، فإن العامل والقائد، والمدير والموظف، والمسؤول الجماعي وغيرهم، مطالبون بالعمل، كأطر القطاع الخاص أو أكثر، وبروح المسؤولية وبطريقة تشرف الإدارة، وتعطي نتائج ملموسة، لأنهم مؤتمنون على مصالح الناس.”
من جانب آخر، يمكن اعتبار هاته “الحركة الانتقالية الواسعة” في جوهرها، تطبيقا واقعيا، للمبدأ الدستوري المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة، كأحد أهم ركائز الحكامة الجيدة، والأسس الرئيسية لأي نظام ديمقراطي.
فإذا كان المواطنون يحاسبون ممثليهم عندما يصوتون لهم، والنواب البرلمانيون يراقبون أداء الحكومة ويقيمونه، والمجلس الأعلى للحسابات يدقق في مدى امتثال المؤسسات العمومية للقوانين المالية الجاري بها العمل.
فإن مساءلة المسؤولين الترابيين، وقياس أدائهم “سواء سلبا أو ايجابا”، مقابل أهداف وقواعد ومعايير محددة، وتقييم فعالية استخدامهم للموارد المتاحة لتنفيذ مهاهم، ومدى استجابتهم لتوقعات المواطنين، يندرج في صميم الأهداف المتوخاة، من وراء هذا الاجراء الذي قامت به وزارة الداخلية.
ويبقى الهدف الأساسي في النهاية، هو تأهيل “الإدارة” بشقيها “العمومي والترابي”، مع ما يتطلبه ذلك من تضافر جهود الجميع، لضمان حسن سير جميع قطاعات الدولة، خدمةً لمصالح المواطنين والوطن، وضمانا للحوكمة العامة الجيدة، كرافعة للتحديث والتنمية.

زر الذهاب إلى الأعلى