أخبار دوليةسلايدر

الإمارات العربية المتحدة.. 51 عاما من الطموح والبناء لخدمة الإنسانية

الدار/ افتتاحية

أين يمكن أن يتوقف طموح دولة الإمارات العربية المتحدة؟ من الواضح أن مشروع أبوظبي التنموي والعلمي والحضاري لا حدود له. هذا بلد على الرغم مما يتمتع به من وفرة بترولية تكفي لضمان حياة رغيدة لشعبه إلا أنه يأبى أن يكون رهينا لاقتصاد تقليدي أو نمط تدبير متجاوز، ويفضّل أن تكون ثروته الرئيسية هي الابتكار والإبداع وتحويل المستحيل إلى حقيقة وواقع. دولة الإمارات العربية التي بدأت مسيرتها التنموية قبل عقود قليلة فقط بعد نجاح سياسي منقطع النظير على مستوى توحيد البلاد ومصالحة مكوناتها القبلية الكبرى، هي نفسها التي تقف اليوم على أعتاب مشروع علمي وحضاري ضخم يبوّئها مكانة متقدمة بين الدول التي تطمح إلى غزو الفضاء وامتلاك ناصية البحث العلمي في هذا المجال.

لقد نجحت الإمارات العربية المتحدة في كسب تحدي تنويع الأنشطة الاقتصادية والتخلص من معضلة الارتهان لمداخيل تصدير البترول على غرار ما هو لا يزال قائما في كثير من اقتصاديات المنطقة العربية على الخصوص. اقتصاد الإمارات اليوم هو واحد من بين أكثر الاقتصادات نموا ودينامية وتحولا في العالم، بفضل المبادرات العديدة التي تطلقها قيادة البلاد في شتى المجالات. لقد أصبح هذا البلد الخليجي رائدا في المجال السياحي كما أن صندوق الاستثمار السيادي الإماراتي يعد من بين أكثر الصناديق مبادرة لتحويل الفرص الاستثمارية إلى موارد مدرة للربح والنفوذ المالي والتجاري عبر العالم. تمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم أندية رياضية عالمية وشركات موانئ دولية كما تستثمر في مجال الإنتاج الزراعي والطاقات المتجددة، وتمتلك واحدة من أكبر شركات الطيران في العالم، زيادة على أن هذا البلد من بين أكثر البلدان تشجيعا للشركات الناشئة في مجالات التكنولوجيا.

لا غرابة إذن أن تعلن الإمارات العربية المتحدة عن إطلاق برنامج رائد في المنطقة العربية يتمثل في برنامج الإمارات لرواد الفضاء الذي يهدف إلى تأهيل وتكوين الكفاءات العلمية وإعداد جيل عربي من الخبرات في هذا المجال، الذي يعد من بين القطاعات الواعدة في المستقبل. ولعلّ سر نجاح هذا البلد العربي في بلورة مبادرات فريدة من نوعها والسير قدما في تفعيلها هو روح التخطيط الاستباقي التي تتمتع بها قيادة هذا البلد. لقد وضعت الإمارات العربية المتحدة مشروعها العلمي هذا في أفق مائوية تأسيس الدولة في 2071، أي أن هذه القيادة تمتلك رؤية استراتيجية على مدى 50 عاما القادمة. ومن المنطقي بالنسبة لبلد كالإمارات أن تتجاوز الطموحات جدار الزمن وإكراهات الظرفية فالتجربة التي قطعتها الإمارات منذ توحيد الدولة في 1971 أثبتت أن الإماراتيين قادرون على إنجاز ما يضعونه من خطط ويتصورونه من مشاريع.

بل إن ما تم إنجازه إلى حدود اليوم في هذا البلد فاق حتى تلك الخطط والطموحات التي كانت على الورق، بعد أن تحوّل الرهان الأساسي للبلاد من تشييد البنيان إلى بناء الإنسان وهي الفلسفة التي تحكم السياسات العامة للحكومات الإماراتية. ففي كل يوم تبرهن هذه الحكومة عمليا بقراراتها الاقتصادية والاجتماعية عن أولوية العناية بالإنسان الإماراتي وبكل الموارد البشرية والكفاءات المقيمة في هذا البلد المستقطب للأدمغة من كل أنحاء العالم. وعلى بعد يومين من الاحتفال باليوم الوطني 51 للإمارات العربية توالت المبادرات الاجتماعية والإنسانية التي تؤكد هذا التوجه، فتم الإعلان على سبيل المثال لا الحصر عن إعفاء 1214 مواطنا من مديونياتهم بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 536 مليون درهم إماراتي.

وإذا كانت الإمارات العربية المتحدة تحتفل اليوم بعيدها الوطني فإن في ذلك أيضا احتفالا بتجربة سياسية وحضارية رائدة في المنطقة، جنحت إلى ثوابت السِّلم والرخاء والمراهنة على التطوير والابتكار. لكن تميّز هذه التجربة ليس نابعا فقط من طموحها الوطني المشروع وإنما أيضا من هذا النزوع الإماراتي الدائم نحو المشترك الإنساني، فهذا بلد لا يتوقف عن إطلاق مبادرات الحوار ويدعم مشاريع المثاقفة والتبادل بين مختلف الشعوب والثقافات، ويسخّر كل إمكاناته الاقتصادية والمالية من أجل تمويل مشاريع عديدة خدمة للإنسانية، ولعلّ احتلال أبوظبي المرتبة الأولى عالميا على مستوى تقديم المساعدات الإنسانية في مناطق التوتر والنزاعات أكبر دليل على أن العيد الوطني للإمارات هو أيضا عيد وطني لكل العالم والإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى