الدين والحياة

مؤسسات دينية: المجلس العلمي الأعلى.. دار الافتاء المغربية

الدار/ إعداد: المحجوب داسع

مع انطلاق إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة عقب الاحداث الإرهابية التي هزت الدار البيضاء، تمت هيكلة عدد من المؤسسات الدينية، وتحيين اختصاصاتها مع تستوجبه رهانات المرحلة، علاوة على إنشاء أخرى.

وتتوزع هذه المؤسسات بين المنوط بها مهمة الإفتاء، وترشيد المواطنين في أمورهم الدينية، وبين التي يتمثل دورها في التدبير الإداري. الى جانب ذلك تعمل أخرى في الجانب المتصل بتكوين العلماء، وتأهيلهم، وتنشيط البحث الأكاديمي في العلوم الإسلامية.

والملاحظ أن مصطلح "التجربة المغربية في تدبير المجال الديني"، غالبا ما يرتبط بهذه المؤسسات الدينية، التي وان كانت مهامها واختصاصاتها تختلف من مؤسسة إلى أخرى، إلا أنها تصب في منبع واحد، تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين.

وسنحاول من خلال هذه السلسلة الرمضانية، تقديم خريطة المؤسسة الفاعلة في الحقل الديني في المملكة، واختصاصاتها و هيكلتها، وكذا بعض الانتقادات التي توجها اليها، على أمل أن تتوضح هذه "الخريطة" في أذهان القراء وعامة المواطنين.

المجلس العلمي الأعلى

إذا كانت وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية تهتم بكلما يتصل بالحكامة والتدبير والتسيير، فان مهمة المجلس العلمي الأعلى تتمثل في اصدار الفتاوي، من خلال الهيئة العلمية المكلف بالافتاء.

يعتبر الملك محمد السادس بوصفه أميرا للمؤمنين، رئيس المجلس العلمي الأعلى، الذي يضم في عضويته سبعة وأربعين عالما وعالمة معينون من طرف الملك، والمعروفين بالنزاهة العلمية، والكفاءة في ميادين ومجالات مختلفة.

يعود تاريخ إنشاء  المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية الى عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي فطن مبكرا لأهمية ضبط مجال الفتوى في المغرب، واحكام القبضة عليه دراء لأي تشويش على الشأن الديني في المملكة.

ومع انطلاق إعادة هيكلة الحقل الديني سنة 2004، تمت مراجعة اختصاصات المجلس العلمي الأعلى في اتجاه تفعيل نشاطه، بعد تخوف الدولة، من التواجد المتزايد لعلماء لا ينتمون فكريا إلى المدرسة الدينية المغربية المعروفة بانتمائها إلى حظيرة أمير المؤمنين، وقيامها على ثوابت دينية عقيدة، ومذهبا وسلوكا.

ويضم المجلس العلمي الأعلى، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وبعض كبار العلماء يعينون بصفة شخصية من لدن الملك، وعددهم خمسة عشر، علاوة على الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، و رؤساء المجالس العلمية، وعددهم سبعون.

وبرز دور المجلس العلمي الاعلى، بقوة عندما اختار الرد  في بيان شديد اللهجة ضد فتوى اصدرها الشيخ يوسف القرضاوي أجاز من خلالها للمغاربة الاقتراض الاضطراري لأجل السكن، استنادا إلى الآية: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}.

واعتبر المجلس العلمي أنذاك في رده، ما قام به القرضاوي، تطفلا على اختصاص العلماء المغاربة ومسا بصلاحية الملك، وتجاوزا لضابط الأخلاق. رد انتقده العديد من المراقبين لعمل المجلس، الذين اعتبروا أن  المجلس، الذي يرأسه محمد يسف، لم يتعرض لأسس وأدلة الفتوى، بل حصر الرد في الجانب السياسي والاستنكار، وهي الانتقادات التي لازالت توجه لهذه المؤسسة العلمية، التي لا يعرف عنها المغاربة الشيء الكثير، باستثناء اجتماعاتها السنوية، والتي غالبا ما تنتهي ببيان وبرقية مرفوعة الى الملك بوصفه أميرا للمؤمنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى