مؤسسات دينية.. من “رابطة علماء المغرب” إلى الرابطة المحمدية للعلماء
الدار/ إعداد: المحجوب داسع
مع انطلاق إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة عقب الأحداث الإرهابية التي هزت الدار البيضاء، تمت هيكلة عدد من المؤسسات الدينية، وتحيين اختصاصاتها مع تستوجبه رهانات المرحلة، علاوة على إنشاء أخرى.
وتتوزع هذه المؤسسات بين المنوط بها مهمة الإفتاء، وترشيد المواطنين في أمورهم الدينية، وبين التي يتمثل دورها في التدبير الإداري. الى جانب ذلك تعمل أخرى في الجانب المتصل بتكوين العلماء، وتأهيلهم، وتنشيط البحث الأكاديمي في العلوم الإسلامية.
والملاحظ أن مصطلح "التجربة المغربية في تدبير المجال الديني"، غالبا ما يرتبط بهذه المؤسسات الدينية، التي وان كانت مهامها واختصاصاتها تختلف من مؤسسة إلى أخرى، إلا أنها تصب في منبع واحد، تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين.
وسنحاول من خلال هذه السلسلة الرمضانية، تقديم خريطة المؤسسة الفاعلة في الحقل الديني في المملكة، واختصاصاتها وهيكلتها، وكذا بعض الانتقادات التي توجها اليها، على أمل أن تتوضح هذه "الخريطة" في أذهان القراء وعامة المواطنين.
الرابطة المحمدية للعلماء
رأينا في الحلقتين الماضيتين، أن مهمة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تتصل بكما هو تدبيري اداري محض من خلال مندوبياتها الاقليمية، فيما تتمثل مهمة المجلس العلمي الاعلى في إصدار الفتاوي في النوازل التي تعرض عليه من خلال الهيئة العلمية المكلفة بالافتاء، فيما يتجلى دور المجالس العلمية المحلية والإقليمية في الإرشاد الديني للمواطنين، وتحقيق مبدأ القرب. وسنقف في هذه الحلقة مع احدى المؤسسات الفاعلة في مجال الحقل الديني بالمغرب، وهي الرابطة المحمدية للعلماء.
يعود تاريخ تأسيس رابطة علماء المغرب إلى شتنبر 1960، عقب انعقاد مؤتمر علماء المغرب بالرباط بتاريخ -19 شتنبر 1960، والذي انبثق عنه تأسيس رابطة دينية عامة تثقيفية غبر متأثرة بمذهب ساسي ولا خاضعة لهيئة أخرى كيفما كانت. سمت نفسها "رابطة علماء المغرب"، ولها فروع ملحقة بها في باقي جهات المملكة، فهذه الجمعية يجب أن لا تخضع لأية هيئة حكومية أو غيرها، طبقا لظهير الحريات العامة"، كما جاء في نظامها الأساسي الذي تمت الموافقة عليه في سنة 1968.
مع انطلاق ورش إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب، تم إخراج رابطة علماء المغرب في قالب جديد تحت اسم "الرابطة المحمدية للعلماء"؛ وذلك بناء على الظهير الشريف رقم 210. 1. 05 الصادر في 15 من محرم 1427 هجرية الموافق لتاريخ 14 فبراير 2006 بتخويل جمعية رابطة علماء المغرب صفة مؤسسة ذات نفع عام تحت اسم "الرابطة المحمدية للعلماء".
وتمكن أهداف الرابطة المحمدية للعلماء في التعريف بأحكام الشرع الإسلامي الحنيف ومقاصده السامية والعمل على نشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه السامية بالحكمة والموعظة الحسنة واحترام مبادئ الوسطية والاعتدال، وكذا الاسهام في تنشيط الحياة العلمية والثقافية في مجال الدراسات الإسلامية من خلال توثيق أواصر التعاون والشراكة مع المؤسسات والهيئات العلمية الأخرى ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب توثيق أواصر التعاون والتواصل بين العلماء والمفكرين والجمعيات والهيئات العلمية والمؤسسات الثقافية الوطنية والأجنبية.
وتتوفر المؤسسة على 16 مركزا بحثيا في عدد من المدن المغربية، وعلى وحدات متخصصة في النشء والطفولة والشباب. وتنكب المؤسسة على ورش تفكيك خطاب التطرف العنيف، إذ أطلقت في هذا الصدد جملة من المنصات الرقمية الالكترونية التفاعلية التي تعنى بانتاج الخطاب البديل المتسم بالجاذبية، والذي يمتح من الثوابت الدينية للمملكة عقيدة ومذهبا وسلوكا، علاوة على انتاج سلسة دفاتر "الاسلام والسياق المعاصر": دفاتر في تفكيك خطاب التطرف العنيف.
وترتبط المؤسسة، التي يرأسها الدكتور أحمد عبادي، بشراكات مع مؤسسة وطنية ودولية في مجال محاربة التطرف، وتعزيز السلم، كما دأبت على تنظيم عدة مؤتمرات ومنتديات لإشراك المرأة، والعلماء الوسطاء، والمثقفين النظراء، والأطفال والشباب في الوقاية من السلوكيات الخطرة، كالادمان والتطرف العنيف.
وتعاقب على قيادة الرابطة المحمدية للعلماء، عدد من كبار العلماء، بداء من المؤسس المرحوم، عبد الله كنون، مرورا بالشيخ المكي الناصري، الحاج محمد بن شقرون، العلامة أحمد الحبابي، وصولا إلى الأمين العام الحالي، الدكتور أحمد عبادي.