صحة

“تحفيز الدماغ العميق”.. عملية جديدة للتخلص من إدمان المخدرات

تمكن علماء صينيون، لأول مرة في العالم، من استخدام تقنية تحفيز الدماغ العميق "DBS" للتخلص من إدمان المخدرات، بزرع جهاز طبي يسمى "جهاز تنظيم الدماغ" في أدمغة المرضى. 

وتتضمن هذه التقنية، التي اُستخدمت منذ فترة طويلة لعلاج اضطرابات الحركة مثل مرض باركنسون، حفر فتحتين صغيرتين في جمجمة المريض، ووضع أقطاب كهربائية في عمق الدماغ.

وفي أكتوبر، قام الطبيب لي بمستشفى رويجين في الصين، بعملية حفر لجمجمة المريض يان، وغرز قطبين كهربائيين إلى قاعدة الدماغ الأمامية المسؤولة عن تحفيز الشعور بتعاطي المخدرات، وبعد ساعات خضع المريض لعملية ثانية لزرع بطارية في صدره لتشغيل الأقطاب الكهربائية في جمجمته، وفقاً لشبكة أخبار "جوان تشا" الصينية.

وأوضحت أن بعد يومين من استقرار حالة يان، شغل الأطباء جهاز تحفيز الدماغ الخاص به، وأثناء تنشيط الأقطاب الكهربائية، شعر يان بإثارة متزايدة تجاه تعاطي المخدرات، وقال إنه قضى الليل كله يفكر في المخدرات.

وبعد مرور أكثر من 6 أشهر، قال يان إنه لا يزال بعيدا عن المخدرات، واختفى شحوب وجهه وزاد وزنه واستعاد صحته من جديد.

وكافح العلماء في أوروبا سنوات طويلة لتجنيد المرضى لإجراء دراساتهم المتعلقة بعلاج الإدمان عن طريق الجراحات الدماغية، لكن الأسئلة الأخلاقية والاجتماعية والعلمية المعقدة وقفت عائقاً أمام هذا النوع من العمل في الولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى تكلفة الأجهزة العالية.

أما الصين فكان لديها تاريخ طويل من جراحات الدماغ كعلاج لإدمان المخدرات؛ نظراً للقوانين الصينية الصارمة لمكافحة المخدرات، التي تُجبر المدمنين على الدخول في سنوات من العلاج الإلزامي، بما في ذلك "إعادة التأهيل".

ووفقا لقاعدة بيانات المعاهد القومية للصحة بالولايات المتحدة الأمريكية، هناك 8 تجارب سريرية مسجلة لعلاج الإدمان عن طريق جراحات الدماغ تجرى في العالم حاليا، 6 منها بالصين.

وقبل أن تظهر جراحات زرع الأجهزة الدماغية التحفيزية لعلاج الإدمان في الصين، كانت عائلات مدمني الهيروين تدفع آلاف الدولارات مقابل "جراحات المخ الاستئصالية" غير المؤكدة والمحفوفة بالمخاطر، التي يدمر فيها الأطباء مجموعات صغيرة من أنسجة المخ المسؤولة عن الإدمان.

وسرعان ما أصبحت جراحات المخ الاستئصالية مدرة للربح في بعض المستشفيات، لكنها تركت أيضا مجموعة من المرضى الذين يعانون من اضطرابات المزاج، وفقدان الذاكرة وتغيير الدافع الجنسي، وفي 2004 أمرت وزارة الصحة الصينية بوقف هذا النوع من الجراحات في معظم المستشفيات.

وسعى الباحثون لإيجاد وسيلة بديلة لجراحة المخ الاستئصالية، حتى توصلوا إلى تقنية تحفيز الدماغ العميق "DBS"، وعلى عكس العمليات التي تستأصل جزءا من المخ، تسمح هذه التقنية بزرع جهاز في المخ للتحكم في الشعور بالإدمان، ما يفتح مجالاً جديداً من التجارب البشرية على مستوى العالم.

وقال الدكتور سون يومين، مدير قسم جراحة الأعصاب الوظيفية بمستشفى روجين: "كأطباء نحتاج دائما إلى التفكير في المرضى، هم بشر، لا يمكنك قول ليس بإمكاننا مساعدتكم أو لا يوجد علاج لكم".

وأضاف سون أنه عمل مستشارا لشركتين صينيتين تصنعان محفزات عميقة في الدماغ، هما "SceneRay" و"Beijing PINS Medical"، ويسعى إلى تحويل المستشفى إلى مركز لأبحاث "DBS"، ليس فقط للإدمان لكن أيضا لعلاج متلازمة توريت والاكتئاب وفقدان الشهية.

ورغم نجاح التجربة الصينية، فإن هناك جدلا واسع النطاق بشأن العوامل الأخلاقية لهذا النوع من الجراحات، إذ يعتقد بعض المنتقدين أنه لا ينبغي السماح بهذه الجراحة التي تستخدم البشر كفئران بيضاء للتجارب، ويجادلون بأن مثل هذه التجارب البشرية سابقة لأوانها، ولن تعالج العوامل البيولوجية والاجتماعية والنفسية المعقدة التي تثير الإدمان.

وهناك أيضا شكوك في الأوساط العلمية العالمية بشأن الجودة العامة والدقة الأخلاقية للتجارب السريرية التي أُجريت في الصين، خاصة في ظل فشل تجربتين سريريتين في أمريكا حول استخدام تقنية "DBS" لعلاج الاكتئاب قبل 5 سنوات.

المصدر: الدار – وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 × 2 =

زر الذهاب إلى الأعلى