أخبار الدارسلايدر

حاضرة الوحدة والاستقرار.. العيون في مغربها والمغرب في عيونه

الدار- علي البوزيدي

افتتاح “ساحة أم السعد” بمدينة العيون عاصمة الصحراء المغربية، هذا المشروع الضخم الذي تم إنجازه على مساحة ثمانية هكتارات، ويضم مسرحا بلديا ودارا للضيافة ومجمعا تجاريا ونافورات وفضاءات للأطفال ومناطق خضراء، بالإضافة إلى مجموعة من المنتزهات والمرافق الترفيهية. هذا الحدث الذي دُشن بمناسبة الذكرى 24 لعيد العرش ليس سوى صورة واحدة من صور النماء والتطوير الهائلة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية وحوّلت مدن الصحراء المغربية إلى منارات حقيقية في ميدان التأهيل العمراني والحضاري وتعزيز البنيات التحتية. إنها أكبر دليل ساطع على أن المغرب بلد يعمل أكثر مما يتكلم وأن أكبر رد على أوهام الانفصال ودعاوى الفرقة هو المراهنة على خيار التنمية.

التأهيل الذي تشهده مدينة العيون وحدها يكاد يكون خرافيا. هذه المدينة التي خرجت من قلب الصحراء تتحول يوما بعد يوم إلى منارة حقيقية في منطقة قاحلة لا تمتلك لا نفطا ولا غازا. وحدها الإرادة الملكية وسواعد أبناء الصحراء تدفع هذه المدينة نحو مصاف الحواضر الراقية في القارة الإفريقية. الذي يتجوّل في هذه المدينة يدرك أن هناك فرقا كبيرا بين ما كانت عليه قبل ربع قرن، وبين ما أصبحت عليه اليوم. وأن العيون حقا في مغربها والمغرب في عيونه. دعونا من الكلام المرصع والأحاديث المنمقة ولنتأمل جيدا ما يحدث في هذه الحاضرة.

التأهيل الحضري بلغ أوجه بمناسبة هذه الذكرى التي نعيشها اليوم. في يوم واحد فقط، أي يوم أمس الأحد شهدت المدينة تدشين عشرات المشاريع المهيكلة. قنطرة على ضفاف وادي الساقية الحمراء، على طول 600 متر وعرض 14 مترا. ساحة العلويين ومرآبها تحت الأرضي اللذين جرى تشييدهما على مساحة تمتد على 4 آلاف و600 متر مربع. مكتبة وسائطية ضخمة على مساحة تناهز 26 ألف متر مربع، وبتكلفة بناء ناهزت 146 مليون درهم. مقر جديد للمديرية الجهوية للشباب. مقر جديد أيضا لدار الشباب الوحدة. مركز للتمكين الاقتصادي للنساء في وضعية هشة. هذه أمثلة فقط عن الثورة العمرانية التي تشهدها مدينة العيون الغالية اليوم.

لا يمكن أبداً أن نتجاهل ما يحدث إذاً في هذه الحاضرة الكبرى. إنها تقدم دروسا هائلة لكل من يريد أن يفهم المعنى الحقيقي للتنمية البشرية والاقتصادية والعمرانية التي تخدم الاستقرار والوحدة. وما زال أمامها آفاق هائلة للنمو في ظل المشاريع الكبرى المهيكلة كالطريق السريع شمال جنوب، والتأهيل المرتقب لقطاع الصيد البحري وغير ذلك. هذه هي رسالة المغرب إلى العالم التي تؤكد أن مغربية هذه الأرض لا يمكن أبدا التنازل عنها أو المزايدة عليها. ما يقدمه المغرب لصحرائه أكبر من الوصف أو التقييم. والصحراء المغربية تستحق ذلك وأكثر. وسيتواصل هذا التدفق الهائل للمشاريع والموارد باتجاه الأقاليم الجنوبية العزيزة لأنها جزء لا يتجزأ من هذا الوطن الحبيب.

والأهم من هذا وذاك هذا التكامل الذي يزين خارطة بلادنا بين شماله وجنوبه، وشرقه وغربه. لا يمكن اليوم أن تختلف العيون عن الرباط، أو الداخلة عن أكادير. كل الجهات المغربية تشهد ثورة تنموية كبرى. مثلما تشهد الناظور مشروعا ضخما لبناء ميناء متوسطي جديد، فإن الداخلة أيضا تشهد ورشا عملاقا لبناء ميناء أطلسي ضخم. ومثلما تمتد الطرق نحو الأقاليم الشرقية فإن الطريق السريع يواصل زحفه نحو الحدود المغربية الموريتانية بثبات ونجاح. وهذا هو الذي ينبغي لنا أن نتوقف عنده جميعا ونتأمله. بلدنا قادر على تحقيق ثورته التنموية الخاصة، وإنجاح رهاناته الكبرى وتمتين وحدته واستقراره مهما فعل الأعادي والخصوم. والمغرب لا يفعل ذلك بالشعارات والخطابات الرنانة فقط، بل بالمنجزات التي لا يمكن أبدا تكذيبها على أرض الواقع.

زر الذهاب إلى الأعلى