زيارة بوريطة لأمريكا اللاتينية.. المغرب يهدم آخر معاقل البوليساريو
الدار/ المحجوب داسع
جعل الملك محمد السادس، من تنويع الشراكات محورًا مهمًا للسياسة الخارجية للمملكة المغربية، وذلك من خلال فتح آفاق جديدة ومبتكرة للتعاون، وكذا تحسين الفرص التي يوفرها الشركاء المختلفون للمملكة على الصعيد الدولي.
وتعد أمريكا اللاتينية، واحدة من المجالات الرئيسية للتعبير عن هذا التنوع في الشراكات الخارجية للمملكة المغربية. وما الزيارة التي قام بها الملك محمد السادس، لهذه القارة، في عام 2004، الا أكبر مثال على ذلك، والتي أسهمت في ضخ نفس جديد، واعطاء دفعة قوية للعلاقات بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية.
وفي اطار هذا التوجه، قام وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، بجولة مابين 10 و 15 يونيو الجاري، قادته الى خمس دول أمريكية، أجرى خلالها محادثات مع رؤساء هذه الدول ومسؤوليه من وزراء وبرلمانيين، كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات التي تهم التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وشكلت هذه الجولة فرصة لإظهار رغبة المغرب في التموقع كأول محاور عربي وإفريقي لدول أمريكا اللاتينية، وذلك من خلال تطوير علاقات الصداقة والتعارف المتبادلة الموجهة نحو المزيد من العمل و التعاون الشامل.
وأكدت هذه البلدان التزاماها بتعزيز العلاقات مع المغرب، الذي تعتبره نموذجا للاستقرار، وبوابة إلى إفريقيا، وفاعلا موثوقًا به، ومؤثرا على الساحة الدولية. لذلك أجمعت كلها عن تأييدها للموقف المغربي للصحراء المغربية، ودعمها المطلق لمبادرة الحكم الذاتي، كحل واقعي، وجدي وذو مصداقية لوضع حد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وهكذا، قررت السلفادور سحب اعترافها بما يسمى الجمهورية الصحراوية الوهمية، وقطع أي علاقات مع الكيان الوهمي، مؤكدة بأنه سيتم إبلاغ هذا القرار إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية ذات الصلة.
و أكدت حكومة السلفادور عن دعمها لـ "الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها الوطنية، وكذلك لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد لهذا النزاع الإقليمي".
أما سورينام، فقد جددت قرارها الصادر في 9 مارس 2016 بسحب الاعتراف بـ جبهة البوليساريو الوهمية، مؤكدة على "موقفها المبدئي"، كما أشادت "بالتزام حكومة المغرب" لصالح "حل سياسي نهائي ومقبول من الطرفين"، "في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية".
الجمهورية الدومينيكية عبرت بدورها عن دعمها لـ "الوحدة الترابية للمملكة المغربية" و "سيادتها الوطنية"، وكذا لجهود المغرب لوضع حد للنزاع الإقليمي حول الصحراء. واعتبرت جمهورية الدومينيكان، أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب "تشكل أساسًا جديًا وواقعيا وذا مصداقية للتوصل إلى حل تفاوضي".
من جهتها، أيدت الشيلي "الجهود الجادة" للمملكة المغربية و "مبادرة الحكم الذاتي"، من أجل التحرك نحو "حل سياسي وواقعي، ونهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية"، فيما أيدت البرازيل رسميا جهود المغرب نحو "حل واقعي لقضية الصحراء المغربية".
وعلاوة على سحب اعترافها بالجمهورية الصحراوية الوهمية، وتأييدها الرسمي لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لوضع حد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، أبدت هذه الدول الخمس استعدادها لتعزيز علاقاتها مع المملكة المغربية في مختلف المجالات.
وفي هذا الصدد، قرر الرئيس السلفادوري، نايب بوكيلي، تدشين صفحة جديدة في علاقات بلاده مع المغرب، من خلال قطع العلاقات مع الكيان الوهمي، وتعزيز العلاقات مع المغرب على مختلف الأصعدة. و تحقيقا لهذه الغاية، تم توقيع خارطة طريق بين البلدين، تروم تطوير التعاون الثنائي في مجالات مختلفة، من ضمنها، التكوين، الفلاحة، السياحة، الصحة، وغيرها من القطاعات. وقال الرئيس السلفادوري خلال لقائه بوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة :" لقد قررنا فتح علاقات دبلوماسية حقيقية ودائمة وتعاونية مع المملكة المغربية".
ومع البرازيل، اتفق المغرب، في اطار تقارب تام، على الوسائل الملموسة لتحويل العمق التاريخي للعلاقات الثنائية بين البلدين، إلى شراكة توائم القرن الحادي والعشرين. فإلى جانب التطور الإيجابي للعلاقات التي تمتد الى قرن بين البلدين، اتفق المغرب والبرازيل على ضرورة الارتقاء بالشراكة إلى مستوى الطموحات والإمكانات والتكامل، وذلك من خلال تجاوز مجالات التعاون التقليدية، نحو مجالات جديدة للتشاور والتعاون.
وأكدت الشيلي بدورها في البيان المشترك الصادر على هامش زيارة رئيس الدبلوماسية المغربية، ناصر بوريطة، على ضرورة تعميق التعاون الثنائي مع المغرب، في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في التجارة الدولية والتغيرات المناخية.
وأشار الرئيس التشيلي خلال جلسة محادثات مع ناصر بوريطة، الى أن الشيلي، التي ستستضيف الدورة 25 لمؤتمر الأطراف حول المناخ، تود الاستفادة من تجربة المملكة المغربية، البلد الوحيد الذي استضاف مؤتمران للمناخ.
أما مع جمهورية الدومينيكان، فشكل عشية الاحتفال بالذكرى الستين للعلاقات الثنائية بين المغرب وهذا البلد الأمريكي اللاتيني، فرصة أخرى لتعزيز الشراكة. وانصب المحادثات التي أجراها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، مع الرئيس الدومينيكي، ووزير العلاقات الخارجية ورؤساء الغرف، حول الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلدين، اذ أكدوا على أن المغرب يمكن أن يكون بوابة نحو افريقيا، بالنسبة لجمهورية الدومينيكان، مثلما هو عليه في أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي.
– في سورينام، كان تنفيذ خريطة الطريق بين البلدين أهم محاور، المحادثات التي جمعت وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، مع نظيره وزير الخارجية السورينامي، و نائب رئيس سورينام. واتفق البلدان على العمل من أجل جعل التعاون بين الجنوب والجنوب دعامة لعلاقة ودية كثيفة ومتنوعة.
وعلاوة على كون هذه الزيارة الى بلدان أمريكا اللاتينية، قد أتاحت لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، فرصة لتعزيز العلاقات القائمة من حيث الكم والنوع، فقد تم خلال اجتماعات وزير الخارجية المغربي مع نظرائه من البلدان الخمسة، التوقيع على 12 اتفاقية، تهم مجالات استراتيجية مختلفة:
فمع البرازيل، تم توقيع 7 اتفاقيات، تشمل مجالات، الدفاع، وتيسير الاستثمار والتعاون القضائي وفرض الازدواج الضريبي، وكذا تكوين الدبلوماسيين الشباب.
وتم مع الجمهورية الدومينيكية، بالإضافة إلى البيان المشترك الصادر في أعقاب هذه الزيارة، على اتفاقية بشأن الإعفاء من التأشيرات وتسهيل التجارة، كما يحدد البيان المشترك بين المغرب والسورينام، منظورا جديدا لتجديد التعاون بين البلدين، فيما تشكل خريطة الطريق، التي تم توقيعها مع السلفادور، أساسًا جديدًا للعلاقات الثنائية بين البلدين.