هل ستؤدي الزيادة العامة في الأجور إلى عجز في الميزانية؟
الرباط/ حليمة عامر
بحسب المعطيات الجديدة التي كشفها والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، مساء أمس، خلال ندوة صحفية عقدت عقب اجتماع مجلس بنك المغرب، فإن المغرب سيعرف عجزا في الميزانية، بنسبة 3,7 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2018 ليصل إلى 4,1 بالمائة سنة 2019، قبل أن يتراجع إلى 3,8 في المائة سنة 2020، وذلك في حالة تم أجرأة مقتضيات الاتفاق الموقع بتاريخ 25 يناير في إطار الحوار الاجتماعي.
ويشمل العرض الجديد لحكومة سعد الدين العثماني المقدم للنقابات، زيادة عامة في الأجور لجميع السلالم، منها زيادة 500 درهما للسلالم ما دون 10 بالرتبة 5، وزيادة 400 درهما ابتداء من السلم 10 بالرتبة 6، وما بين 200 و300 درهم للموظفين المرتبين في السلم 11 وما فوق.
وفي هذا الصدد، قام موقع "الدار"، باستقصاء أراء خبراء اقتصاديين، حول الموضوع، لفهم كيف يمكن أن تساهم هذه الزيادة في الأجور في تفاقم عجز الميزانية المالية للمملكة المغربية، كما ورد على لسان الجواهري.
وفي تعليقه حول الموضوع، أفاد رشيد أوراز، الباحث الاقتصادي، إن " تمويل تكلفة الحوار الاجتماعي سيتم عن طريق الميزانية العامة للدولة، ولذا ستشكل هذه الزيادة تكلفة إضافية للميزانية العامة"، مؤكد: "المغرب يشهد في الأصل عجزا في ميزانيته، لذلك فهذه التكاليف الجديدة ستعمق العجز وعلى الدولة أن تجد وسائل جديدة لتمويل هذه التراجع".
وأضاف المتحدث ذاته،" رغم أنه لهذه الزيادات أوجه إيجابية، تتجلى في تحسين القدرة الشرائية لفئة الموظفين تحديدا، لكنها ستؤدي إلى رفع الطلب في اسواق المواد الاستهلاكية الأساسية".
ويرى الباحث الاقتصادي، أنه "لا يمكن تفادي هذا العجز الهيكلي في ميزانية الدولة، الا عن طريق خلق نمو اقتصادي يسهم في توفير موارد إضافية لميزانية الدولة"، مشددا :"اما الطرق التقليدية الاخرى مثل رفع نسب الضرائب أو اللجوء للمديونية فلها تأثير سيء على النمو الاقتصادي".
ومن جهته، اعتبر نجيب أقصبي، اقتصادي مغربي، إن "ظروف النمو الاقتصادي لسنة 2019 و2020، هي التي يمكن أن تؤثر في العجز الاقتصادي للدولة المغربية، بعيدا عن الزيادة في الأجور التي تم تسطيرها في اتفاق الحوار الاجتماعي".
وقال أقصيبي، إنه " الحوار الاجتماعي، سيكلف الدولة المغربية 10 ملايير درهم، على مدار ثلاث سنوات، ولن يتعدى مليارين أو ثلاث ملايير درهم خلال السنة".
ويفترض أقصبي، في هذا الصدد، في حال كلف الحوار الاجتماعي الدولة 3 ملايير درهم، فذلك لن يتعدى 3 في المائة من مصاريف نفقات ميزانية الدولة، التي تتعدى 600 مليار درهم".
ويوضح الاقتصادي المغربي، أن هذا العجز في الميزانية، "راجع بالأساس لمعطيات وعوامل أخرى أكثر أهمية وأكثر فاعلية؛ على رأسها قلة المداخيل الضريبية"، مبرزا إن "المداخل الضريبة في المغرب لا تغطي إلا 64 في المائة من نفقات الدولة، في حين أن هذه النفقات الضريبية، كان يجب أن تغطي 80 أو 85 في المائة من النفقات الضريبية، لكي لا يكون هناك أي مشكل مالي في الميزانية".
ويبرز المتحدث ذاته، في هذا الصدد، إن "الدولة تلجئ إلى البحث عن موارد أخرى، لتغطية هذا الخصاص الذي تعاني منه، إما عن طريق موارد الخوصصة، أو المديونية"، موضحا" جزء كبير من الموارد السنوية، على رأسها المداخيل الضريبية، يذهب لتغطية عجز السنوات السابقة، أو الديون المتراكمة".
وفي هذا الصدد، يشدد أقصيبي، على أن حجم الحوار الاجتماعي لن يؤثر على الميزانية المالية للدولة؛ لأنه لن يكلفها سوى 1 في المائة من العجز"، معتبرا بأن هذه النسبة "لا تمثل حتى 10 في المائة من العجز الموجود سابقا ".