طفرة تاريخية في التبادل التجاري بين المغرب وبريطانيا خلال الربع الأول من 2025

الدار/ زكريا الجابري
سجّل حجم المبادلات التجارية بين المغرب والمملكة المتحدة قفزة نوعية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2025، ليبلغ حوالي 6 مليارات درهم، أي بزيادة قدرها 16,4% مقارنةً بنفس الفترة من عام 2024، وفق بيانات رسمية بريطانية ومغربية.
هذا الارتفاع الاستثنائي، الذي يُعد رقمًا قياسيًا في تاريخ العلاقات التجارية بين الرباط ولندن، جاء مدفوعًا بقطاعات استراتيجية تمكّن فيها المغرب من تعزيز تنافسيته، وعلى رأسها قطاع الصناعات الغذائية، وصناعة السيارات، والنسيج.
منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، شهدت العلاقات الاقتصادية بين المغرب والمملكة المتحدة تحولات نوعية، قادها اتفاق الشراكة الموقع سنة 2019، والذي مكّن من الحفاظ على نفس المكتسبات التي كانت قائمة في إطار الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بل وأتاح آفاقًا جديدة للتعاون الثنائي المباشر.
وباتت بريطانيا اليوم من بين الشركاء التجاريين الأوائل للمغرب داخل الفضاء الأوروبي، مستفيدة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة كبوابة إلى إفريقيا، ومن قدرتها المتنامية في سلاسل القيمة الصناعية والفلاحية.
تشير المعطيات المتوفرة إلى أن الصادرات المغربية نحو السوق البريطانية خلال هذه الفترة تعزّزت بشكل خاص في قطاع الصناعات الغذائية، لاسيما المنتجات الفلاحية الطازجة والمعلبة، التي تشهد طلبًا متزايدًا في بريطانيا بسبب جودتها وتوافقها مع المعايير الصحية والبيئية الأوروبية.
أما قطاع السيارات، فقد واصل بدوره أداءه القوي، بفضل تطوّر التجميع المحلي بالمغرب من طرف شركات عالمية كـ”رونو” و”ستيلانتيس”، ما جعل من المملكة منصّة صناعية فعالة لتصدير المركبات وقطع الغيار.
وفيما يتعلق بقطاع النسيج، فقد استفاد هو الآخر من إعادة تموقع سلاسل الإمداد العالمية، حيث أصبحت الشركات البريطانية تبحث عن مزوّدين أقرب وأكثر مرونة، وهو ما وفّره المغرب بخبرته وبنيته التحتية الصناعية المتقدّمة.
تعكس هذه الأرقام ليس فقط نموا تجاريًا ظرفيًا، بل بداية تحوّل هيكلي في العلاقة الاقتصادية بين البلدين، وهو ما تدعمه لقاءات رجال الأعمال، والمنتديات المشتركة، والاستثمارات البريطانية المتزايدة في المغرب، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة، والتعليم العالي، واللوجستيك.
ويُتوقع أن يتواصل هذا الزخم الإيجابي خلال باقي شهور السنة، خاصة مع اقتراب دخول مشاريع جديدة حيز التنفيذ، وارتفاع وتيرة التعاون المؤسساتي، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي بين البلدين، على أساس الندية والمنفعة المتبادلة.