الرياضة

الكان بلغة المال.. وكلاء اللاعبين في تنافس شرس خارج المستطيل الأخضر

تتحول منافسات كأس إفريقيا للأمم مع بداية كل دورة إلى ساحة للمنافسة، لكن ليس من أجل إحراز لقب التظاهرة الأرقى قاريا، بل لمراقبة اللاعبين المشاركين في الحدث للظفر بالطائر النادر وعقد صفقات انتقالات جديدة·

كما تصبح الملاعب التي تحتضن المنافسات بمثابة سوق حقيقية لمعاينة أبرز اللاعبين واكتشاف مواهب جديدة، يشعل فتيلها و"سطاء" أو "وكلاء" يظلون الحلقة الخفية في كأس إفريقيا للأمم، خاصة وأن هذه الأخيرة تتزامن دورتها الحالية مع فترة فتح باب انتقالات اللاعبين في مختلف انحاء العالم، حيث تسعى جل الأندية إلى تعزيز صفوفها قبل بداية البطولات المحلية التي ستنطلق بعد ال"كان" بقليل.

وتساهم "حمى" الانتقالات في جعل سوق اللاعبين الأفارقة وحتى العرب منهم على صفيح ساخن بالنظر إلى اهتمام اللاعبين أنفسهم بعقد صفقات وسعيهم للحصول على أفضل العروض واتمامها في أقرب اللآجال حتى تكون المشاركة الإفريقية ناجحة·

وتعج منافسات الكأس القارية، المقامة حاليا في مصر، باللاعبين المحترفين في الدوريات الأوروبية وحتى الخليجية، مما يحفز نسبة كبيرة من الذين لم تفتح أمامهم بعد أبواب الاحتراف، لتقديم أفضل ما لديهم وتأكيد مستواهم ومواهبهم لنيل صفقة مناسبة تضمن انتقالهم إلى كبريات البطولات، باعتبار أن هذا الحدث يشكل واجهة حقيقية لنجوم القارة.

ولا يقتصر حضور عشرات وكلاء اللاعبين والمعتمدين خاصة من طرف فرق أوربية كبيرة، على المدرجات بل تجدهم أيضا في الندوات الصحفية وبالقرب من مستودعات ملابس المنتخبات المشاركة وحتى مقرات إقاماتها لرصد اللاعبين الذين يبينون عن مهارات كروية نادرة في أفق انتدابهم.

وتطور دور وكلاء اللاعبين مع الطفرة التي تشهدها كرة القدم وظهور لاعبين بمهارات عالية في العديد من الأندية الأوربية بل حتى الآسوية، حيث كانوا مجرد همزة وصل تربط بين اللاعب والنادي، ويقومون بإجراءات روتينية مقابل عائد مالي زهيد، قبل أن تتحول مهنة "وكيل" إلى مهنة رسمية تخضع لأسس وضوابط وتحكمها قوانينها منذ سنة 1991 بعد إقرار الاتحاد الدولي لكرة القدم لذلك.

وبالنظر للأهمية التي يكتسيها مجال الوكلاء في كرة القدم على الخصوص، شهد هذا الأخير مستجدات متواصلة، فمنذ سنة 2001 وحرصا من الاتحاد الدولي لكرة القدم على تنظيم انتقالات اللاعبين وفق ضوابط قانونية حماية للأندية واللاعبين على حد سواء، منح الجامعات الوطنية الصلاحية في إصدار ومنح تراخيص وكلاء اللاعبين.

كما عمل الاتحاد الدولي سنة 2018 على وضع اقتراحات لقوانين وضوابط جديدة للوكلاء من بينها على سبيل المثال لا الحصر الاتفاق على مبدأ إدخال التعويضات والقيود المفروضة على التمثيل، ودفع عمولات الوكلاء عبر غرفة المقاصة وترخيص وتسجيل الوكلاء من خلال نظام مطابقة النقل، وهي المقترحات التي جاءت أيضا بعد عملية تشاور مطولة مع ممثل لمجموعة من الوكلاء.

ويخضع الحصول على رخصة لمزاولة مهنة "وكيل" أيضا لشروط وضوابط من أهمها عدم الانتماء إلى أي ناد أو هيئة لكرة القدم تابعة للجامعة الوطنية، مع اجتياز اختبار موحد على الصعيد العالمي تحت إشراف (الفيفا).

كما يفترض في المترشح للحصول على اعتماد " وكيل " الإلمام بتقنيات كرة القدم وخطط اللعب ومستويات البلدان والأندية، إضافة إلى المتابعة الجيدة لمستويات المدربين واللاعبين والبطولات.

ولم تشذ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن القاعدة حيث عمدت هذه الأخيرة منذ سنة 2000 إلى تقنين مهنة وكلاء اللاعبين، من خلال انخراطها في الهيئات التابعة للإتحاد الدولي والمنظمة للمهنة، وتم فسح المجال أمام الراغبين في الحصول على رخصة "وكيل للاعبين".

بيد أن الجامعة وعلى الرغم من المجهودات التي تقوم بها للحد من انتشار ظاهرة "السماسرة" أو الوكلاء غير المرخص لهم ، مازالت تواجه العديد من الصعوبات، وهو ما دفعها في شهر ماي الماضي إلى تجميد أنشطة جميع الوسطاء المسجلين لديها، إلى حين تسوية وضعيتهم الإدارية والقانونية، وإعادة النظر في الرخص الممنوحة للوسطاء من طرفها، وإخضاعها لدفتر تحملات جديد يستجيب للشروط التي ستحددها اللجنة المختصة، بسبب تفشي ظاهرة تهجير اللاعبين الصغار إلى الخارج.

في المقابل يرى العديد من الوسطاء أو الوكلاء ، الذين يبلغ عددهم رسميا بالمغرب 100 وكيل، أن هذه الفئة لعبت دورا اساسيا ومهما ليس فقط في المساعدة على استفادة الأندية من خدمات اللاعبين الذين يحتاجون إليهم لتدعيم صفوفهم في بداية كل موسم، بل كان لهم الفضل أيضا في التنقيب واكتشاف مواهب واعدة تنحدر من الوسط القروي والمدن الهامشية، أسدت خدمات جليلة لكرة القدم الوطنية خلال مشوارها الرياضي .

وإذا كان "وكيل اللاعبين" أو الوسيط يساهم بشكل كبير في حصول بعض الأندية على العناصر التي تحتاجها لتعزيز صفوفها، أو مساعدة أخرى على بيع أو إعارة اللاعبين الذين لم تعد ترى ضرورة في الاحتفاظ بهم ضمن تشكيلاتها ، فإنه يساهم أحيانا أخرى عن قصد أو عن غير قصد في إلحاق ضرر كبير بمشوار اللاعبين وضياع حقوقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ثلاثة × خمسة =

زر الذهاب إلى الأعلى