أخبار الدارسلايدر

النظام الجزائري الذي طرد 45 ألف عائلة في ليلة واحدة يتباكى على بناية مهجورة!!

الدار/ افتتاحية

من الواضح أن نظام الكابرانات يبحث بأيّ شكل من الأشكال عن أيّ مبررات حتّى إن كانت واهية من أجل افتعال الجدل والنزاع، وتعميق الخلافات مع المغرب. والبلاغ الأخير الذي أصدرته السلطات الجزائرية أكبر دليل على سوء النية المبيّت، الذي لا يتعلق بمشكلة عابرة فحسب، بل بتوجّه سياسي واضح يريد أن يستغلّ واقعة قانونية لا غبار عليها للإساءة لبلادنا وتحميلها مسؤولية خروقات وانتهاكات وهمية لم تحدث إلا في أذهان قادة هذا النظام. التهويل الذي تعامل به الكابرانات مع إجراء بسيط وروتيني يمكن أن يحدث في أيّ بلد آخر دليل جديد على أننا أمام مشكلة بنيوية ولسنا بصدد حالة معزولة.

لا داعي للتذكير بأن الأمر لا يتعلّق بـ “مقرّات” كما ادعت السلطات الجزائرية بل ببناية واحدة، طلب المغرب الاستفادة منها لتوسيع مباني وزارة الشؤون الخارجية على غرار ما حدث مع تمثيليات قنصلية أخرى مثل السفارة السويسرية التي تعدّ من أقدم السفارات في العاصمة الرباط، وسفارة ساحل العاج. البناية المذكورة غير مستعملة ولا تتبع للشؤون القنصلية أصلا كما أن طلب ضمّها جاء بناء على تشاور مسبق مع السلطات الجزائرية ومراسلات مسجّلة ولقاءات عديدة. لذا فإن مشاعر “الصدمة والمفاجأة” المزعومة التي تحاول السلطات الجزائرية إظهارها لا مجال لها في هذا السياق. نحن أمام واقعة أبسط وأصغر بكثير ممّا روجّ له نظام الكابرانات الذي لم يغمض له جفن عندما طرد في ليلة واحدة 75 ألف عائلة سنة 1975.

هذا النظام الذي شرّد شعبا بأكمله ونزع ملكية آلاف العقارات التي تقدر قيمتها بالمليارات، يتباكى اليوم لأن السلطات المغربية قرّرت بطريقة دبلوماسية وقانونية أن تستفيد من بناية مهجورة تقع أصلا في أرض سبق للمغرب أن أهداها للجزائريين دون أي مقابل من أجل تدشين مقر سفارتهم. الخارجية الجزائرية التي أصدرت بلاغا بهذا الخصوص لم تورد في حيثياته أيّ إشارة إلى المراسلات السابقة والردود التي قدّمتها بتفاعل يوحي بأنها تستعد لإفراغ المبنى المذكور، بل ركّزت فقط على تضخيم ما حدث وتوصيفه بمواصفات لا علاقة لها بالواقع، ومن ثمّ الانتقال إلى لغة التهديد التي يتقنها الكابرانات جيدا.

هذا التعتيم على الإجراءات ومسار التواصل الذي اتخذه المغرب من أجل الاستفادة من هذه البناية يؤكد سوء النية، ورغبة النظام الجزائري في استغلال ما حدث لأهدافه المعهودة، وعلى رأسها الدفع إلى المزيد من التصعيد واستمرار التوتّر في أجواء العلاقات مع المغرب. بعبارة أوضح ما حدث يمثل فرصة حقيقية لهذا النظام ولا يريد تفويتها أبدا ويحرص على الركوب عليها لأن الهدف ليس هو معالجة الملفات العالقة والتوجه نحو عودة العلاقات الطبيعية بل الاستمرار في القطيعة والسعي نحو التصعيد. وهذا يعني أن نتوقّع أي شيء من هذا النظام الذي اعتاد الإساءة إلى بلادنا حتّى دون وجود مشكلات عرَضية كهذه التي نتحدث عنها اليوم.

ونحن في المغرب لن تنطليَ علينا أبدا دموع التماسيح التي يذرفها هذا النظام من أجل التغطية على المشكلات الحقيقية التي تدفع إلى التوتر بين البلدين، وعلى رأسها جريمة افتعال النزاع في الصحراء المغربية، وتمويل منظمة إرهابية وتسليحها ضد المغرب، والسعي الدائم والمستمر لتقسيم بلادنا وضرب وحدتها الترابية. هذه هي الأزمات الحقيقية والجوهرية التي يحاول هذا النظام التغاضي عنها من خلال هذا النهج المكشوف القائم على افتعال قضايا وخلافات فرعية لا أهمية لها، لربح الوقت وصرف التركيز والانتباه عنها. بإمكانهم أن يتباكوا ويسعوا إلى صرف الأنظار عن الجرائم التي يقترفونها منذ عقود طويلة في حق أمة مغاربية بأكملها، ولكن من حقّنا أيضا أن نعيد التذكير بأن القصة الحقيقية التي يجب أن تحظى بالبلاغات والبيانات لا تتعلق باسترجاع ملكية بناية مهجورة، بل باستعادة استقرار وأمل ومستقبل شعوبٍ برمّتها.

زر الذهاب إلى الأعلى