أخبار الدارسلايدر

هل حان الوقت لإخراج المنتخب الوطني من دائرة الضغوط؟

الدار/ افتتاحية

التعادل مع المنتخب الموريتاني المحترم كبوة جديدة للمنتخب الوطني بعد كبوة كأس إفريقيا للأمم التي دارت أطوارها في ساحل العاج، وبعد الانتصار الصغير والصعب على المنتخب الأنغولي مؤخرا. على مستوى الكفاءات البشرية والرياضية يمتلك المنتخب الوطني ثروة تقنية وفنية عالية بلاعبين من الطراز العالمي على غرار آخر الملتحقين لاعب فريق ريال مدريد إبراهيم دياز، علاوة على العناصر القديمة مثل حكيمي وزياش وامرابط. لكن مع ذلك تبدو المنافسات الأخيرة التي شاركت فيها النخبة الوطنية اختبارا حقيقيا لأداء اللاعبين ومن ورائهم الناخب الوطني. وعلى الرغم من أنها مباريات استعدادية في الغالب إلا أنها تمثل فرصة حقيقية لاستكشاف مكامن الخلل في أفق معالجتها.

في مباراة موريتانيا كان المنتخب الوطني قادرا على خلق العشرات من الفرص الواضحة لكن ظل العقم التهديفي ملازما للعناصر الوطنية طوال المباراة. ومن الواضح أن التهافت والمسارعة إلى محاولة تسجيل الأهداف أوقعت اللاعبين في فخّ عدم التركيز وارتكاب الأخطاء وتفويت أهداف محقّقة. ويبدو وفقا للنتائج والأداء الذي تابعناه منذ كأس إفريقيا للأمم أن المنتخب الوطني يمرّ بمرحلة انتقالية بين جيل من اللاعبين الذين بصموا على مونديال مميز في قطر 2022، واللاعبين الجدد الذين فرضت ظروف التطوير على الناخب الوطني وليد الركراكي استدعاءهم. ليس من السهل أبدا إدماج زمرة كاملة من اللاعبين في منتخب وطني حقّق نتائج مذهلة قبل فترة ليست بالبعيدة.

أخوماش ودياز ورحيمي وغيرهم لاعبون يحتاجون إلى بعض الوقت كي يجدوا مواقعهم وسط زملائهم، وفي قلب التركيبة التكتيكية التي يفكّر فيها المدرب وليد الركراكي. لذا من الطبيعي أن تحدث بعض التعثّرات في طريق بناء هذه التركيبة الجديدة، ولعلّ التعادل الذي حصده المنتخب الوطني ضد نظيره الموريتاني أحد أهم هذه التعثّرات بالنظر إلى أن الخصم كان مكتفيا بالتّمترس في خطوط الدفاع وانتظار مبادرة اللاعبين المغاربة. لكن هناك جانب آخر لا يقلّ أهمية لا بدّ من الانتباه إليه فيما يتعلق بفهم هذا التعثّر المؤقت والعابر. يتعلّق الأمر بإدارة أجواء الضغط التي تواكب مباريات المنتخب الوطني في كل المناسبات. لقد خلق إنجاز مونديال قطر علاقة جديدة بين الجمهور والمنتخب.

ومن ثمّ أصبحت لدى الجماهير توقّعات مستمرة لا حدود لها. ينتظر الجمهور المغربي أن يرى أسود الأطلس دائما في القمة مع تحقيق انتصارات بيّنة وتحقيق الأهم نتيجة وأداءً. ومن الواضح أن المشاركات الوطنية منذ كأس إفريقيا كسرت أفق الانتظار المتفائل هذا، وبدأت تخلق أجواء من التوتر وانعدام الثقة سواء في اللاعبين أو في الناخب الوطني. والمطلوب في الوقت الحالي الخروج من هذه القوقعة المفعمة بالكثير من الضغوط على لاعبين يمارسون على أعلى المستويات الدولية، ويعبّرون باستمرار عن روح وطنية عالية لكنّهم كغيرهم من اللاعبين الآخرين يمرّون بمراحل فراغ طبيعية ويحتاجون إلى الدعم والتشجيع بدلا من الضغط والانتقاد.

ولعلّ دور الناخب الوطني وليد الركراكي في المرحلة الحالية يكمن في تخفيف هذا الضغط وإخراج اللاعبين من دائرة التركيز الخارجي. هناك استحقاقات هامة في الأفق تتعلق بكأس إفريقيا التي ستحتضنها بلادنا في سنة 2025، وأدوار إقصائية للتأهل لكأس العالم 2026، وهذا يعني أن المنتخب في حاجة إلى نفَس طويل لرفع هذه الرهانات بنجاح. ولا يمكن استجماع هذا النفَس المطلوب في ظل الأجواء الضاغطة التي يجب أن يبتعد عنها اللاعبون ما أمكن، كي يتمكنوا من استعادة مستوياتهم الأصلية والانسجام مع العناصر الجديدة التي انضمّت إلى المنتخب، وهي تمتلك الكثير من المقوّمات التي تجعلها قادرة على تقديم أداء أفضل وكتابة تاريخ جديد لأسود الأطلس.

زر الذهاب إلى الأعلى