الموت المفاجئ في عبوة.. مشروبات الطاقة قد توقف قلبك دون إنذار
القراءة السريعة في سوق مشروبات الطاقة تثير عددا من علامات الاستفهام حول طبيعة هذا السوق، إذ إنه ضخم متنام، تبلغ حجم مبيعاته سنويا حوالي 44 مليار يورو (49.9 مليار دولار) طبقا لموقع نيوترشنال آوت لوك Nutritional outlook، ورغم ذلك لا يجري عليه ما يجري على بقية الأسواق من تطوير وابتكار وظهور لعلامات تجارية جديدة.
الأخطر من طبيعة السوق غير التقليدية هو طبيعة المنتج نفسه، إذ دفع الإقبال الكبير على مشروبات الطاقة من قبل المراهقين والشباب الباحثين إلى إجراء دراسات متعددة حول ذلك المنتج، وأثبتت الدراسات أن تركيبته تعرض جماهيره المستهدفة إلى خطر الموت المفاجئ حال الإفراط في تناوله.
تباطؤ الابتكار ونمو المنتجات
عام 2017 بلغت نسبة إطلاق منتجات مشروبات الطاقة الجديدة أقل من 2.7% من عمليات إطلاق المشروبات الغازية خلال نفس العام، وبالمقارنة مع الأعوام السابقة نكتشف أن نسبة التجديد في تناقص وليس العكس، إذ كانت نسبة مشروبات الطاقة الجديدة عام 2012 تبلغ 5% من حجم المشروبات الغازية الجديدة.
هناك عدد من الأسباب لهذا التباطؤ، أبرزها هيمنة العلامات التجارية متعددة الجنسيات على عمليتي الإنتاج والتسويق، فقد أدخلت شركات المشروبات الغازية السائدة علامات تجارية لمشروبات الطاقة أو استحوذت عليها بما يحكم سيطرتها على السوق، ومع تنامي حجم المبيعات لم تعد هناك ضرورة لابتكار جديد، إضافة إلى تقلص عدد العلامات التجارية الأصغر والمتنوعة التي تدخل السوق بشكل كبير في مواجهة العلامات التجارية العالمية.
النمو المتزايد لحجم مبيعاتها أزعج العلماء الذين أجروا دراسات أثبتت حجم المخاطر التي تصيب المستهلكين وتؤدي أحيانا إلى الوفاة المفاجئة.
مكونات أساسية وأمراض مرتبطة
في أبريل 2017، غادر المراهق ديفيس كريب منزله متجها إلى المدرسة، وكان نشيطا وصحيا، وظهر ذلك اليوم سقط في الفصل على ركبتيه وأخبر زملاءه أنه يشعر بالدوار.
نقل كريب من مقاطعة ريتشلاند في الولايات المتحدة إلى مستشفى قريب، وبعد ساعتين تقريبا مات، كما جاء في تقرير صحيفة واشنطن بوست.
وأعلن الطبيب الشرعي -الذي قام بتشريح الجثة- أن موته المفاجئ كان سيصبح لغزا لولا أن أصدقاءه أخبروا الطبيب بما تناوله كريب قبل موته، وأشار الطبيب إلى أنه خلال ساعتين تناول الضحية مشروبين كبيرين من مشروبات الطاقة، إضافة إلى كوب قهوة، قائلا "تناول قدرا كافيا من الكافيين لتعطيل قلبه وتوقفه في النهاية".
وتعد مشروبات الطاقة شائعة بين الشباب والمراهقين، حيث تعتبر ثاني مكمل غذائي في الولايات المتحدة، وفقا للمركز الوطني للصحة التكميلية والتكاملية.
وتحتوي تلك المشروبات على نسبة كبيرة من الكافيين والسكر وبعض المكونات الأخرى مثل الجوارانا والتوراين والجينسنغ وفيتامينات "ب" ويسبب خلط تلك المكونات معا ونسبها المستخدمة عددا من الأمراض.
الكافيين مكون أساسي
يعتبر المكون الأساسي لمشروبات الطاقة التي تعتبر أكثر خطورة على القلب من المشروبات التي تحتوي على الكافيين فقط، وفقا لما جاء في مجلة رابطة القلب الأميركية.
وتزيد مستويات الكافيين في مشروب الطاقة عن الجرعة المسموح باستهلاكها للبالغين والتي تصل إلى أربعمئة ملليغرام من الكافيين يوميا، وفقا لما ذكرته مجموعة مايو كلينيك. ولكن عندما يتعلق الأمر بالمراهقين، توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بعدم الحصول على أكثر من مئة ملليغرام.
فقد يسبب الكثير من الكافيين في زيادة دقات القلب السريعة وارتفاع ضغط الدم وآلام الصدر، وفقا لمقال طبي منشور على شبكة الطبيعة الأم Mother Nature Network.
كما يمكن أن يسبب آثارا جانبية مثل: مشاكل النوم، الأرق، اضطراب المعدة. كما أن الكافيين يمكن أن يسبب مشاكل أكثر خطورة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب أو الذين يتناولون أدوية معينة.
وأشارت دراسة منشورة في المجلة الكندية لأمراض القلب إلى أن مشروبات الطاقة سبب الوفيات القلبية المفاجئة لدى الشباب الأصحاء. نظرا لوجود كميات كبيرة من الكافيين والسكر تؤدي إلى تفاقم مشاكل القلب الأساسية.
وإضافة إلى الكافيين الأساسي المستخدم بمشروبات الطاقة، هناك العديد من مصادر الكافيين الأخرى "المقنعة" فيها، حيث أكد فريق البحث بقيادة د. فابيان سانشيس أن تلك المكونات مثل الجوارانا والجينسنغ والتوراين تحتوي على تركيزات من الكافيين أعلى من الموجود بالقهوة، وأن تناول جرعات عالية من تلك المواد مع الكافيين الأساسي يمكن أن يشكل خطرا على الصحة.
كمية هائلة من السكر
تحتوي مشروبات الطاقة على ما بين 21 و34 جراما من السكر لكل عبوة، وفقا لدراسة أجريت عام 2013 في طب الأطفال، وأشارت إلى أن المستخدمين الذين يتناولون واحدا أو ثلاثة من مشروبات الطاقة فإنهم يحصلون على أربعة إلى ستة أضعاف الحد الأقصى الموصى به يوميا، وأن الشباب الذين يتناولون مشروبات الطاقة بانتظام يمكن أن يكون لديهم فرصة أكبر للسمنة ومشاكل الأسنان. ومع مرور الوقت، قد يؤدي استهلاك الكثير منها إلى الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري.
نصائح
توصل د. سانشيس وفريقه إلى العديد من النصائح التي تفيد مستهلكي مشروبات الطاقة من المراهقين والشباب منها:
1- يمكن تناول 250 ملليغراما من مشروب الطاقة يوميا فقط.
2- تجنب تناولها قبل أو أثناء ممارسة الرياضة.
3- يجب على المراهقين الذين يعانون من حالات مرضية ويتناولون أدوية استشارة طبيب القلب قبل تناول المشروب.
4- تناولها مع الخمر أو المخدرات يؤدي إلى الوفاة.