أخبار الدارسلايدر

تمويل مشروع طاقي في الداخلة.. هل اقتربت فرنسا من الاعتراف بمغربية الصحراء؟

الدار/ تحليل

التصريح الذي أدلى به وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي، برونو لومير للقناة الأولى حول استعداد فرنسا للمساهمة في تمويل مشروع الخط الكهربائي الرابط بين الداخلة والدار البيضاء في إطار مشاريع الهيدروجين الأخضر يعدّ خطوة عملية إضافية تقرّب باريس من إعلان قرارها التاريخي بالاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء، والاستعداد لفتح تمثيلية دبلوماسية في الأقاليم الجنوبية. هذا الإعلان الذي قدّمه برونو لومير على إثر مشاركته في ندوة انعقدت بجامعة محمد السادس متعدّدة التخصصات ببن جرير يؤكد التقدم الحثيث الذي يتحقّق على مستوى إطلاق الشراكة الجديدة بين فرنسا والمغرب في أفق يصل إلى 30 عاما المقبلة مثلما أعلن ذلك وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مؤخرا.

تصريحات لومير كانت واضحة وقوية وقد أصرّ على تأكيد إطلاق هذه الشراكة الجديدة بين البلدين، وأكد أنه جاء خصيصا إلى المغرب في إطار زيارة العمل ويتحدث عنها باسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. يتعلّق الأمر بإرادة سياسية فرنسية قيد التشكّل النهائي من أجل الطي النهائي لمرحلة الفتور التي شابت هذه العلاقات على مدار شهور طويلة. ولعلّ تذويب جليد هذه الخلافات يسير بسرعة قصوى على ما يبدو، ومن المتوقع أن يشكل فرصة حقيقية للانتقال الفعلي إلى مرحلة مختلفة تماما ترتكز أساسا على الاحترام المتبادل والالتزام بالوعود والندّية في التعامل مع مختلف القضايا المشتركة سواء تعلّق الأمر بالقضايا السيادية أو الأمنية أو الاقتصادية.

إعلان لومير عن استعداد فرنسا تمويل هذا المشروع تأكيد رسمي على أنّ السيادة المغربية على الصحراء لا يمكن أن تكون موضوع تشكيك أو تخضع إلى المزيد من التوظيف السياسي أو التلاعب الذي كانت بعض دول الاتحاد الأوربي أو مؤسساته تحاول أن تستغله. وما يحدث اليوم في المؤسسات السياسية الفرنسية تّجاه هذا الملف هو نفسه الذي سبق أن حدث مع إسبانيا، ورئيس الحكومة بيدرو سانشيز. ومن المؤكد أن المصالح الفرنسية المغربية يجب أن تتوّج بميثاق جديد يعلن أبعاد الشراكة التي يتحدث عنها الطرفان، وتكون في قلبه طبعا هذا القناعة الرسمية بإنهاء أيّ نقاش حول سيادة المغرب على صحرائه ولا سيّما أن مصالح فرنسا الاقتصادية في طنجة والدار البيضاء ومراكش وغيرها من المدن لا يمكن أن تتجزّأ وتستثني أيّ إقليم من أقاليم المملكة.

برونو لومير الذي يتحمّل مسؤولية وزارة الاقتصاد يكاد يكون الرجل الثاني في هرمية الطبقة الحاكمة في فرنسا بالنظر إلى تاريخه السياسي الطويل في الأحزاب الجمهورية، وتجربته الكبيرة في العمل إلى جانب العديد من رؤساء فرنسا. ومن ثمّ فإنّ زيارة العمل التي يقوم بها إلى المغرب والاستقبال الذي حظي به من طرف رئيس الحكومة عزيز أخنوش لا يتعلقان فقط بمناقشة مشاريع وأوراش مشتركة في المجالات الطاقية والاقتصادية تم إعلانها، بل هي زيارة سياسية بالدرجة الأولى، تريد فرنسا أن تؤكد من خلالها عن حسن النية والرغبة الشديدة في تجاوز مطبّات الماضي والانفتاح على الشراكة الجديدة التي هي موضوع بلورة نهائية في الوقت الحالي. بعبارة أوضح برونو لومير يمثل مبعوثا شخصيا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وما أدلى به من تصريحات مشجعة يمثل في الحقيقة عنوانا للسياسة الرسمية لفرنسا.

لكن على ما يبدو فإنّ باريس تميل إلى نوع من التدرّج في إعلان أبعاد هذه الشراكة الجديدة بين المغرب، وتفضّل لاعتبارات خاصة وظرفية أن تقدّم العربون المطلوب على مراحل. وهذا التحوّل الجذري والحاسم يحتاج طبعا إلى إنضاج الشروط الدبلوماسية الكافية قبل الإعلان الرسمي عنه، ولا سيّما أن مصالح باريس في المنطقة ممتدة ومعقدة ومن حقّها أن تأخذ طبعا الوقت الكافي والاحتياطات الضرورية قبل تعزيز الزخم الحالي وتتويجه بالقرار التاريخي والشجاع: الاعتراف بمغربية الصحراء رسميا وافتتاح تمثيلية دبلوماسية.

زر الذهاب إلى الأعلى