أخبار الدارسلايدر

هل من حقّنا أن ننتقد أداء المنتخب الوطني لكرة القدم؟

الدار/ تحليل

الردّ الذي ردّ به الصحافي السابق مراد المتوكل على سؤال أحد الصحافيين مؤخرا خلال ندوة الناخب الوطني كان خاليا م ن اللباقة والحدّ الأدنى من المهنية في التعامل. وعلى الرغم من أن ملاحظته بشأن التمييز بين الرأي والسؤال في محلّها إلّا أن أسلوب انتقاده لصاحب السؤال لم يكن موفقا، والذي زاد من خروج هذه الملاحظة عن السياق أنّ أداء المنتخب الوطني في اليوم التالي أكد فكرة غياب الجدية. لقد لاحظنا جميعا كيف بدا بعض لاعبي المنتخب الوطني وعلى رأسهم حكيم زياش ويوسف النصيري مفتقدين إلى حسّ الانضباط والالتزام المعهودين، وعبرا من خلال سلوكياتهما عن مشكلات خفية ربّما تخترق المنتخب الوطني.
لقد فاز المنتخب الوطني وحقّق الأهمّ، وحصد النقاط الثلاث الثمينة وفقاً لتعليق الناخب الوطني وليد الركراكي. فهل من حقّنا أن ننتقد المنتخب الوطني وأداءه على الرغم من انتصاره؟ ليس المنتخب الوطني وحده من يتعرّض إلى هذا النوع من انخفاض الأداء. حتّى المنتخبات العالمية الكبرى مثل المنتخب الفرنسي أو البرازيلي أو الألماني قد تقدم مباريات رسمية في بعض المنافسات دون المستوى المطلوب، وقد تخطف انتصارات غير مستحقة أحيانا، لكنّ هذا لا ينقص أبدا من حظوظها واحتمالات تحقيقها للألقاب والإنجازات. الغاية من هذه المنافسة التي يخوضها أسود الأطلس حاليا هي التأهل طبعاً إلى مونديال 2026 ولحدّ الساعة فإنّ النتائج التي حقّقها المنتخب الوطني تسير في الاتجاه الصحيح، لكنّ المشكلة التي تثير تخوف الجماهير هي مسألة الأداء.
والمسؤول عن هذه التخوفات هم أسود الأطلس أنفسهم. نعم، فقد رفعوا سقف التوقعات منذ المشاركة المميزة في مونديال قطر 2022 إلى درجة أنّ الجمهور المغربي لم يعد يقبل تحقيق نتائج متواضعة أو انتصارات باهتة. صحيح أن تحقيق الفوز هو الأهم لكن وجود نجوم كبار من عيار إبراهيم دياز وحكيم زياش وأشرف حكيمي تجعلنا نطمع في النتيجة والأداء معا. ومن حقّ الإعلام والصحافة والجمهور أيضا أن ينتقد المنتخب الوطني ويقوّم إنجازاته وطريقة لعبه، ويعبّر عن ذلك بكامل الحرية المطلوبة حتّى لو تعارض الأمر مع الإحساس العام لدى المشرفين على هذا المنتخب. قد يستغرب بعض اللاعبين المحترفين مثلا من هذه المواقف ولا سيّما أنهم يحققون الانتصار في النهاية، لكن من حق الجمهور أيضا أن يعبّر عن الاستغراب أيضا إذا تحققت هذه الانتصارات دون فرجة أو إقناع.
من حقّنا أن ننتقد أداء المنتخب الوطني أيضا لأنّ هذا النقد البنّاء هو الذي يساعد الناخب الوطني والمسؤولين عن الفريق على تقويم الاختلالات وتصحيح الأخطاء ومراجعة الاختيارات الرئيسية. يجب ألّا ننسى أن هناك لاعبين عادوا إلى المنتخب الوطني بسبب هذه الانتقادات وضغوط الرأي العام مثل اللاعب الواعد سفيان رحيمي واللاعب المجرّب أيوب الكعبي. ولعلّ المدرّب وليد الركراكي يبدو واعيا تمام الوعي بأهمية هذا النقد، بل إنّه أقلّ تبرّما وتذمرا منه مقارنة بأشخاص آخرين لا يتحمّلون أصلا أيّ مسؤولية في هرم إدارة النخبة الوطنية. الركراكي يتعامل مع الانتقادات بأسلوبه الشخصي الذي لا يمكن أن نطالبه بتغييره، لأنّه جزء من هويته الرياضية التي تعوّدنا عليها، لكن من حقّنا أيضا أن نطالب الآخرين باحترام الرأي والرأي الآخر والإصغاء إلى الأصوات كلّها.
ليس من مصلحة المنتخب الوطني أن نلجأ إلى أساليب التطبيل والمديح والشكر دون أيّ ملاحظات أو قراءات موازية للنتائج وأداء اللاعبين والخطط التكتيكية للمدرّب. القراءات الخارجية مهمة جدا بالنسبة إلى المدرّب واللاعبين لأنها تثري نظرتهم الشخصية إلى التحديات التي تواجه المنتخب، وتوسّع الخيارات المتاحة أمامهم للتعامل معها. عندما نصرّ مثلا على إشراك هذا اللاعب أو ذاك، أو نطالب بتغيير موقع هذا المهاجم أو ذاك المدافع فإنّ هذا النوع من البدائل يقدم إضافة مهمّة إلى المدرّب يجب عليه أن يغتنمها ويستفيد منها لما فيه مصلحة الكرة الوطنية دون أيّ تشنّج أو حساسية. لذا؛ نحن نؤكد دون مواربة من حقّنا جميعا أن ننتقد المنتخب والناخب لكن مع الحرص على أن يكون نقدنا نقداً بنّاءً.

زر الذهاب إلى الأعلى