أخبار الدارسلايدر

متى سيدفع تبون فاتورة علاج بن بطوش في إسبانيا؟

الدار/ تحليل

سلسلة الفضائح لا تكاد تنتهي في سيرة نظام الكابرانات الذي تديره زمرة من أهزل ما أنجبت الجزائر. هذا النظام الذي يتحكم في رقاب الجزائر يين البسطاء ويذيقهم الويلات ويحرمهم من أبسط احتياجات وضروريات الحياة كالماء والحليب والسميد هو نفسه الذي يتبجّح بالدفاع عن تقرير مصير الشعوب، ودعم حركات المرتزقة الانفصالية بالمال والسلاح والدبلوماسية، لكن الظاهر أن هذا الادعاء نفسه لم يسلم من الخطايا التي ترتكبها الأجهزة المسؤولة في هذا البلد. تذكرون جميعا قصة استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية بدعوى الخضوع إلى العلاج بجواز سفر جزائري يحمل صاحبه اسم بن بطوش، وهي الحادثة التي تسببت في أزمة دبلوماسية بين المغرب والجزائر، لم تنته إلا بعد فترة طويلة بمصالحة تاريخية والتزام إسباني بعدم اتخاذ قرارات أحادية الجانب.
انتهت الأزمة الدبلوماسية على الرغم من خطورتها وتعقيدها الشديد، لكن فصول المهزلة الجزائرية ما تزال مستمرة إلى اليوم. فقد نشرت صحيفة لاراثون الإسبانية أن حكومة لاريوخا التي يقع ضمن نفوذها الترابي المستشفى الذي خضع فيه بن بطوش للعلاج تدرس قرار رفع دعوى قضائية ضد جبهة البوليساريو بعد تخلّفها عن سداد فاتورة علاج المرتزق إبراهيم غالي على مدار 44 يوما، وتفوق قيمتها 45 ألف يورو. يحدث ذلك بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تدخل الجزائر لدى إسبانيا من أجل السماح لإبراهيم غالي بالاستشفاء في مستشفى إسباني. ويثير تقاعس السلطات الجزائرية عن أداء هذه الفاتورة الدسمة الكثير من التساؤلات ولا سيّما في السياق الحالي.
من الواضح أن إبراهيم غالي وجبهة البوليساريو تنتظر من السلطات الجزائرية أن تبادر إلى دفع هذا المبلغ، لأن الانفصاليين اعتادوا أصلا أن يستفيدوا من الدعم الجزائري السخي سواء تعلق الأمر بتمويل السلاح أو الأسفار أو رحلات الاستجمام أو دراسة الأبناء، أو حتى عمليات الاستشفاء في الخارج. وهذا يعني أن تخلّف بن بطوش وعصابته عن سداد المبلغ أمر مقصود، لأن الرجل الذي يتخذ من تندوف عاصمة لدويلته الوهمية لا يمكن أن يؤدي هذا المبلغ السمين من جيبه الخاص وهو يعلم أن أموال الجزائريين الوفيرة تكفي لأداء كل ما بذمته من ديون ونفقات. لقد كان بن بطوش يعتقد عندما خرج من المستشفى أن من واجب السفير الجزائري في مدريد أن يؤدي المطلوب.
واليوم بعد أن فجّرت الصحافة الإسبانية هذه الفضيحة هل سيبادر الكابرانات إلى إظهار السخاء المعهود لسداد هذا المبلغ؟ من الواضح أن تأخر الجزائريين عن تسديد هذه النفقات كان نوعا من التعبير عن الغضب تجاه السلطات الإسبانية، ولا سيّما بعد المصالحة التاريخية مع المغرب، واستجابة حكومة بيدرو سانشيز لشروط المغرب وعلى رأسها عدم السماح لأي انفصالي من انفصاليي البوليساريو بدخول الأراضي الإسبانية دون تشاور مسبق، وتجنب القرارات الأحادية الجانب واحترام الوحدة الترابية والسيادة الوطنية. لقد تلقت السلطات الجزائرية صفعة قوية لم تستسغها إلى حدود اليوم بعد الرسالة التي بعثها بيدرو سانشيز إلى جلالة الملك محمد السادس ليعلن من خلالها استعداد إسبانيا لبناء علاقاتها مع المغرب على أسس جديدة قوامها الاحترام المتبادل والندية.
وما تزال تداعيات هذه الصفعة تطفو على السطح فيما يتعلق بتدبير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين. ولعلّ الأزمة التي أثارها تهديد الجزائر بقطع الغاز عن إسبانيا كانت أكبر دليل على ذلك. انتهى هذا التهديد بدوره بخضوع واعتذار جزائري، لكن في ظل هذا الامتعاض والغيظ المكتوم الذي لا يستطيع الكابرانات تصريفه في مواجهة مدريد بقرارات سياسية شجاعة وقوية فمن الطبيعي أن يتخلف هذه النظام عن سداد المبلغ المستحق لمستشفى لاريوخا، ولا سيّما أن هذا المبلغ يذكّرهم بهزيمته في مواجهة المغرب، وكذا بالصفعة الإسبانية التي لم تُراع أبدا ما قدمته الجزائر لمدريد من إغراءات وامتيازات في محاولة يائسة لتجييش الحكومة الإسبانية ضد بلادنا. فمتى سيدفعون تبون فاتورة علاج بن بطوش ويفي بالتزامات الجزائر تجاه “تحرر الشعوب” المزعوم؟

زر الذهاب إلى الأعلى