أخبار الدارسلايدر

إلى نخب فرنسا.. وحدة المغرب الترابية خارج مزايداتكم الانتخابية ماذا ننتظر من النخبة السياسية التي ستتصدر واجهة القرار في فرنسا؟

 

الدار/ تحليل

بعد تصدّر حزب التجمع الوطني نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية تتجه فرنسا نحو تكريس هذا الفوز في الدور الثاني وفقا لاستطلاعات الرأي، ومن المحتمل أن يحصل الحزب اليميني المتطرف على أغلبية واضحة ومريحة في البرلمان. وربما يفضي ذلك إلى الإعلان عن تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها. هذا كله يتعلق بالشأن الداخلي الفرنسي واختيارات الناخبين الفرنسيين المتأثرين طبعا بالتحولات الداخلية والعديد من مظاهر الدعاية والتوجيه التي تقف وراءها مؤسسات استطلاع الآراء. كل هذا لا يعنينا، فما يهمنا في المغرب من هذه النتائج هو موعد الحسم النهائي للموقف الفرنسي من مغربية الصحراء.
مع الحكومة الحالية كنا على شفا إجراء مراجعة شاملة للعلاقات بين البلدين وصياغة شراكة استراتيجية جديدة وفقاً لما سبق أن صرّح به وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه. وفي هذا السياق نسمع تصريحات قادة اليمين المعتدل أو المتطرف حول العلاقات مع المغرب، ومدى فشل إيمانويل ماكرون في بلورة سياسة متوازنة تجاه المغرب، والخروج من ربقة الارتهان إلى التعارض بين حقوق المغرب الشرعية ورغبات الجزائر وإرضائها على الصعيد الفرنسي. أحد الوجوه الصاعدة في اليمين المتطرف الذي فاز بالانتخابات جوردان بارديلا لم يتردد في وقت سابق في انتقاد هذه السياسة الفرنسية المترددة في اتخاذ موقف واضح، بينما وعد إيريك سيوتي القيادي في الحزب الجمهوري بمراجعة هذه العلاقات إذا فاز حزبه بالانتخابات.
تظل هذه التصريحات جزءاً من الجدل المثار في الحملة الانتخابية، ومحاولة واضحة لاستمالة بعض الناخبين من هذا الطرف أو ذاك. لكن علاقات المغرب وفرنسا يجب أن تخرج من دائرة المزايدات الانتخابية. هذه الوعود والمخططات التي قد تنتهي بانتهاء الاقتراع يوم الأحد القادم، لا تراهن عليها بلادنا أبدا، ولا تعول على أصحابها أو مضامينها في السير قدما بهذه العلاقات نحو آفاق أرحب من الثقة والاحترام المتبادل وتعزيز المكتسبات التاريخية والثقافية المشتركة. نريد أن تعي الطبقة السياسية الفرنسية أن العلاقات مع المغرب لا دخل لها في التوظيف الانتخابي الظرفي، وأن ما نحتاج إليه فعلا هو الحسم في العديد من النقاط العالقة، وعلى رأسها تردّد الدولة الفرنسية في الاعتراف الرسمي والنهائي بمغربية الصحراء على غرار العديد من حلفائها.
عندما قرّر الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب اتخاذ خطوة الاعتراف بمغربية الصحراء فقد فعل ذلك خارج السياق الانتخابي، ولم يتأخر في التوقيع على هذا القرار التاريخي بشجاعة وجرأة، أطلقت بعد ذلك دينامية دبلوماسية غير مسبوقة في المنطقة. ثم تلتها العديد من المبادرات الإيجابية على غرار فتح قنصليات لدول صديقة وشقيقة. كان من المفروض أن تكون فرنسا في مقدمة هذه الدول وسباقة إلى هذا القرار، لكنها تأخرت مرة أخرى لاعتبارات غير مبررة. العلاقات الفرنسية الجزائرية لا يمكن أن تحول دون إحقاق الحق والإقرار بالواقع التاريخي والجغرافي والثقافي الدال على الارتباط بين الصحراء ومغربها. ومن هذا المنطلق نريد أن تفهم النخبة السياسية الفرنسية أن زمن المتاجرة بالمواقف قد ولّى.
فرنسا لن تخسر شيئا إذا أقرت بالحقيقة باعتبارها كانت سلطة استعمارية مؤثرة في المنطقة، ولديها من الأدلة والوثائق الكافية لإثبات مغربية الصحراء، والعلاقات التاريخية بين قبائلها والعرش العلوي. بل إن فرنسا تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية في افتعال هذا النزاع بسبب ما خلّفته من مظالم حدودية بين المغرب والجزائر، تحوّلت بمرور الزمن إلى بؤرة توتر لا تنطفئ. لذا؛ فإن أقل ما يمكن أن تفعله فرنسا هو أن تصحح أخطاءها التاريخية وتجبر ضرر شعوب المنطقة بالعودة إلى موقف عقلاني ومنصف، يساعد على تحقيق الرخاء والتقدم والتكتل الاقتصادي بين دول شمال إفريقيا. على هذا الأساس نحن اليوم في غنىً عن هذه التصريحات التي تدغدغ المشاعر، ونريد أن يتحلى صانع القرار الفرنسي أيّاً كان انتماؤه: يمينيا أو يساريا، معتدلا أو متطرفا بالجرأة الكافية لطي هذا الملف. لا نريد أقوالا وتصريحات، بل نريد التزاما وقرارات.

زر الذهاب إلى الأعلى