هل هي الضربة القاضية.. شلل حزب الله وتداعياته على المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط؟
الدار/ تحليل
في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة مع اغتيال حسن نصر الله، تتعقد سيناريوهات القوة والسيطرة في الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى. تتسم التطورات الحالية، خاصة في لبنان وجواره، بمحاولات إعادة تشكيل الخارطة السياسية بما يخدم المصالح الإقليمية والدولية. تعتمد هذه التغييرات إلى حد كبير على الرؤية الاستراتيجية لإسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يسعى إلى استغلال الفرص لإضعاف أعداء إسرائيل التقليديين، وعلى رأسهم حزب الله وإيران.
تشير بعض السيناريوهات إلى إمكانية توجيه ضربة عسكرية قاصمة لحزب الله، تهدف إلى شل قدراته العسكرية والإستراتيجية بشكل يعجز معه عن التعافي السريع. إن تحقق هذا السيناريو سيؤدي إلى تغييرات جذرية في ميزان القوى على الأرض، ليس فقط في لبنان ولكن في المنطقة ككل.
حزب الله الذي يعدّ اليوم من أقوى الفاعلين في الساحة اللبنانية ومنفذاً رئيسياً للنفوذ الإيراني في المنطقة، قد يجد نفسه في مواجهة تحديات سياسية وأمنية معقدة بعد ضربة كهذه. فاستراتيجية الحزب تعتمد على مزيج من القوة العسكرية والشعبية السياسية، ومع ضرب هيكله العسكري، قد ينفرط عقد التحالفات الداخلية والإقليمية التي تحيط به.
على المستوى اللبناني، شلل حزب الله يعني تحولات كبيرة في موازين القوى السياسية. فالحزب يشكل جزءًا محوريًا من معادلة الحكم في لبنان، وقد تؤدي إزاحته أو إضعافه إلى ظهور فرص جديدة للقوى المناوئة له، سواء كانت داخلية أو خارجية. ومع أن حزب الله يتمتع بدعم شعبي في بعض المناطق، فإن استمرار غيابه أو ضعفه العسكري قد يقلل من قدرته على التأثير في السياسات الوطنية اللبنانية.
قد تستفيد الأطراف اللبنانية المناوئة لحزب الله، مثل التيار الوطني الحر أو بعض الفصائل السنية، من هذه الضربة لترسيخ سيطرتها على الساحة السياسية، مما قد يؤدي إلى إعادة تشكيل تحالفات جديدة داخل البلاد. ومع ذلك، فإن هذه التداعيات لن تكون خالية من المخاطر، فقد يدفع غياب حزب الله إلى زيادة التوترات الطائفية أو نشوب صراعات جديدة بين مختلف الأطراف.
إذا تحققت هذه الضربة القاضية ضد حزب الله، فإن تأثيراتها الإقليمية ستكون بلا شك هائلة. إذ إن تراجع دور حزب الله في لبنان سيؤثر بشكل مباشر على نفوذ إيران في المنطقة، حيث يشكل الحزب جزءًا أساسيًا من مشروع إيران الإقليمي. ومن المرجح أن تبحث إيران عن طرق لتعويض هذا النقص في القوة، ربما من خلال تعزيز دعمها لفصائل أخرى أو تشكيل تحالفات جديدة مع قوى إقليمية.
إضافةً إلى ذلك، ستستفيد إسرائيل بلا شك من إضعاف عدوها اللدود، وستكون أكثر قدرة على تحقيق أهدافها في المنطقة دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة مع حزب الله. كما أن هذا التغير قد يؤدي إلى إعادة تموضع الدول العربية، حيث قد ترى بعض الدول الخليجية في تراجع دور حزب الله فرصة لإعادة توجيه سياساتها تجاه لبنان والمنطقة بشكل عام.
تظل سيناريوهات الضربة القاضية لحزب الله مجرد افتراضات، لكن إذا ما تحققت، فإنها ستؤدي إلى تحولات عميقة في المشهدين اللبناني والإقليمي. فالخريطة السياسية في لبنان قد تعاد صياغتها، وقد يترتب على ذلك تغييرات في تحالفات الدول والقوى الإقليمية.