إسرائيل تقتل غزة.. يبدو أن العالم فقد إحساسه بالعدالة والإنسانية!!
الدار/ تحليل
في تصعيد جديد للعنف ضد الفلسطينيين، تشن إسرائيل هجمات واسعة النطاق على قطاع غزة، مخلفة وراءها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، بينهم نساء وأطفال. هذه الهجمات المتكررة ليست مجرد انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، لكنها أيضًا استهتار سافر بالقانون الدولي، الذي ينص على حماية المدنيين حتى في أوقات النزاع المسلح.
بدأت العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، كما تقول تل أبيب، كرد فعل على إطلاق الصواريخ من القطاع نحو المناطق الإسرائيلية. ومع ذلك، يستهدف القصف الإسرائيلي أحياء سكنية ومرافق مدنية أساسية، مثل المستشفيات والمدارس والبنية التحتية. فالمشهد الدموي الذي يعصف بغزة اليوم، ليس وليد اللحظة، بل هو جزء من سلسلة تصعيدات عسكرية تمتد عبر السنوات، تتكرر فيها الأنماط نفسها: قصف جوي واسع النطاق، حصار خانق، وتجويع للفلسطينيين.
على الرغم من ذلك، لا يُعتبر هذا الصراع متكافئًا بأي حال من الأحوال. فإسرائيل، التي تمتلك واحدة من أقوى الجيوش في العالم، تستخدم قوة مفرطة ضد قطاع مكتظ بالسكان يعاني من انهيار شبه كامل للبنية التحتية ونقص حاد في المواد الأساسية. وتؤكد تقارير دولية أن هذا الحصار القائم منذ عام 2007 يرقى إلى عقوبة جماعية تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني.
القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقيات جنيف، يحظر استهداف المدنيين أو الأعيان المدنية في النزاعات المسلحة. وعلى الرغم من أن إسرائيل تدعي أن هجماتها تستهدف مواقع عسكرية لحماس، فإن الأدلة الميدانية تظهر عكس ذلك. فقد أشار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمات مثل هيومن رايتس ووتش إلى أن العديد من الهجمات الإسرائيلية في غزة تفتقر إلى التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية، مما يجعل هذه الهجمات غير قانونية وفقًا للقانون الدولي.
الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية تطالب إسرائيل مرارًا وتكرارًا بضرورة وقف هذا التصعيد واحترام حقوق الإنسان. ورغم ذلك، فإن المجتمع الدولي يعاني من حالة شلل سياسي، حيث تظل الدول الكبرى عاجزة أو غير راغبة في اتخاذ موقف حازم ضد إسرائيل. دعم الولايات المتحدة وحلفائها لإسرائيل، يعزز من استمرارية هذا الوضع، ما يجعل الفلسطينيين عالقين في حلقة مفرغة من العنف دون أمل في العدالة.
إن غياب محاسبة إسرائيل على أفعالها يساهم في استمرار هذا الوضع المأساوي. فبينما تغض بعض الدول الطرف عن الانتهاكات، تعيش غزة تحت وطأة أزمات إنسانية متفاقمة، تشمل نقصًا حادًا في الغذاء والدواء، وانقطاع الكهرباء بشكل شبه دائم، بالإضافة إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية.
وفي ظل هذه الظروف، يواجه أهالي غزة خطر الموت ليس فقط بسبب الهجمات المباشرة، بل أيضًا بسبب آثار الحصار المستمر على مدى سنوات. المستشفيات تغص بالجرحى، بينما الأطباء يعانون من نقص في المعدات والأدوية الأساسية لإنقاذ حياة المصابين. ومع كل جولة جديدة من العنف، تتسع دائرة المعاناة لتشمل المزيد من المدنيين، الذين يفقدون حياتهم ومنازلهم وأحلامهم.
المجتمع الدولي مطالب بتحمل مسؤولياته، ليس فقط بإدانة الهجمات الإسرائيلية بل أيضًا بالضغط الجاد على إسرائيل لوقف أعمالها العدوانية ضد غزة. فالصمت أو الاكتفاء بالشجب الباهت يعد نوعًا من المشاركة الضمنية في هذه الجرائم.
هناك حاجة ماسة إلى تدخل دولي عاجل لتقديم الدعم الإنساني العاجل لسكان غزة، ولتحقيق سلام عادل وشامل يضمن إنهاء الحصار ووقف الانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين.
ما يحدث في غزة ليس مجرد نزاع عسكري، بل هو تذكير مأساوي بالفشل الدولي في حماية المدنيين واحترام حقوق الإنسان. ومع كل يوم يمر، يدفع سكان غزة ثمنًا باهظًا من حياتهم ومستقبلهم، في ظل عالم يبدو أنه فقد إحساسه بالعدالة والإنسانية.