أخبار دوليةسلايدر

السياسة الخارجية لترامب.. كيف يستعد لها قادة العالم؟

الدار/ ترجمات

عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات 2024 تثير قلقاً وترقباً بين قادة العالم، حيث يتوقع كثيرون أن يعيد ترامب نفس السياسات الخارجية التي طبعت ولايته السابقة، والتي حملت توجهات غير تقليدية في التعامل مع الحلفاء والخصوم. فبعدما انسحب من عدة اتفاقيات دولية، واتبع نهج “أمريكا أولاً” الذي أعلنه منذ بداية حكمه، اضطر قادة العالم للتأقلم مع سياسات تختلف عن الأعراف الدبلوماسية التقليدية التي سادت لعقود.

اليوم، ومع عودة ترامب، تجد الدول نفسها أمام خيارين: إما الاستعداد لمواكبة تحول جديد في السياسة الأمريكية أو استباق الأحداث عبر بناء تحالفات جديدة قد تخفف من تأثير تقلبات السياسة الأمريكية على مصالحها.

أحد الملفات التي تشغل أوروبا بشكل خاص هو مستقبل حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي شكك ترامب سابقاً في أهميته وهدد بخفض التزامات واشنطن تجاهه. وقد أدى هذا إلى تحفيز العديد من الدول الأوروبية على تعزيز قدراتها الدفاعية الذاتية، كألمانيا وفرنسا، تحسباً لأي انسحاب أمريكي مفاجئ. ويبدو أن المخاوف الأوروبية ستتزايد، إذ قد تواجه دول الناتو مستقبلاً مضطرباً بعودة ترامب بتوجهاته التي ترى ضرورة تقليص الدور الأمريكي في هذا الحلف.

في عهد ترامب، تصاعدت حدة التوترات التجارية والسياسية مع الصين، حيث تبنى سياسات حمائية وفرض تعريفات جمركية على السلع الصينية، وهو ما وصفه البعض بأنه “حرب تجارية”. الآن، يتساءل قادة الصين عن كيفية الرد إذا ما عاد ترامب إلى سياسته السابقة أو حتى رفع من وتيرتها. قد يعني هذا أن بكين ستبحث عن تحالفات أوسع مع دول آسيا وأفريقيا لمواجهة أي تصعيد أمريكي محتمل، مع احتمال زيادة تركيزها على الاكتفاء الذاتي في القطاعات الاقتصادية الرئيسية لتقليل الاعتماد على الأسواق الأمريكية.

أثارت سياسة ترامب السابقة في الشرق الأوسط انقساماً بين دول المنطقة؛ فمن جهة، أيدت بعض الدول رؤيته للسلام، فيما أثارت مواقفه الأخرى توتراً مع إيران، وخاصة انسحابه من الاتفاق النووي الذي اعتبرته طهران إخلالاً بالتزامات واشنطن. ومع تزايد الشكوك حول استمرارية السياسة الأمريكية، يبدو أن بعض الدول تسعى إلى بناء سياسات خارجية تتسم بالاستقلالية، أو على الأقل تخفيف اعتمادها الكامل على واشنطن، مثل السعي وراء تحسين العلاقات الثنائية مع الصين وروسيا.

بالنسبة لروسيا، يمكن أن تشكل عودة ترامب فرصةً وتحدياً في آن واحد. فرغم محاولات ترامب السابقة تحسين العلاقات مع موسكو، إلا أن محاولاته اصطدمت بموقف الكونغرس الأمريكي وبعض المؤسسات الأمنية. وقد تدفع عودة ترامب موسكو إلى استغلال ما قد يبدو كفرصة لتعزيز نفوذها في مناطق مثل أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى. لكن الكرملين يدرك أيضاً أن ترامب شخصية غير تقليدية، مما قد يجعل من الصعب بناء سياسة طويلة المدى على أساس مواقفه.

يتفق معظم المحللين على أن عودة ترامب قد تُعيد الولايات المتحدة إلى سياسة خارجية أكثر استقلالية وأقل انخراطاً في التحالفات الدولية. وقد يشكل هذا فرصة لدول كبرى مثل الصين وروسيا لتعزيز نفوذها في المؤسسات الدولية. ومع عودة مبدأ “أمريكا أولاً”، سيبدأ قادة العالم بطرح تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال راغبة في لعب دورها التقليدي كقائد للنظام العالمي، أم أنها ستتجه نحو انكفاءٍ قد يعيد تشكيل العلاقات الدولية لعقود مقبلة.

في ظل الترقب وعدم اليقين، يجد قادة العالم أنفسهم أمام معضلة التخطيط للمستقبل وسط احتمالات واسعة وغير واضحة.

زر الذهاب إلى الأعلى