أخبار الدارسلايدر

محاولات النظام الجزائري لتجميل صورته أمام واشنطن: خطوة إلى الوراء أم مناورة سياسية؟

الدار/ تحليل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون حقوق الإنسان، وهي خطوة أثارت تساؤلات حول دلالاتها وسياقها. فالعادة الدبلوماسية تشير إلى أن هذا النوع من اللقاءات يتم على مستوى وزير الخارجية أو مسؤولين أدنى درجة، مما يطرح علامات استفهام حول دوافع النظام الجزائري من هذا الاستقبال.

الخطوة تبدو جزءًا من جهود الجزائر لتلطيف العلاقات مع واشنطن، خاصة بعد التوترات التي شهدتها في السنوات الأخيرة. فمنذ إدراج الولايات المتحدة الجزائر ضمن قائمة المراقبة لانتهاكات الحريات الدينية، واجهت الحكومة الجزائرية ضغوطًا دولية متزايدة. هذا الإدراج جاء نتيجة سياسات قمعية طالت الأقليات الدينية، وأثارت استياء جهات سياسية أمريكية بارزة، من بينها السيناتور ماركو روبيو، الذي دعا سابقًا إلى فرض عقوبات على الجزائر بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.

من جهة أخرى، تحمل هذه الخطوة أبعادًا داخلية وخارجية. داخليًا، يحاول النظام الجزائري تحسين صورته أمام الرأي العام المحلي والدولي بعد سلسلة من الانتقادات بشأن السجل الحقوقي المظلم، والذي يشمل قمع الحريات الصحفية والسياسية، واعتقال المعارضين. وخارجيًا، يسعى النظام إلى ترميم علاقاته مع الولايات المتحدة، خصوصًا بعد سياسة “التجاهل” التي انتهجتها إدارة ترامب، والتي عمّقت عزلة الجزائر دبلوماسيًا.

للجزائر سجل طويل ومعقد مع حقوق الإنسان، حيث تتهم منظمات دولية النظام بممارسات قمعية تجاه حرية التعبير وحقوق الأقليات الدينية. وتشمل الانتهاكات إغلاق الكنائس، ومحاكمات لمعتنقي ديانات أخرى، إلى جانب التضييق على ناشطي حقوق الإنسان.

من الواضح أن الإدارة الأمريكية الجديدة تعيد ترتيب أولوياتها في المنطقة، ومن ضمنها تحسين أوضاع حقوق الإنسان. زيارة وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية تعكس رغبة واشنطن في الضغط على الجزائر لتعديل سياساتها الحقوقية. ومع تعيين ماركو روبيو في منصب كاتب الدولة القادم للخارجية، يُتوقع أن تتصاعد الضغوط، خصوصًا أنه من أبرز الأصوات الداعية لربط العلاقات الدولية بسجل حقوق الإنسان.

محاولات الجزائر لاحتواء الأزمات السياسية والدبلوماسية قد تُقرأ على أنها خطوة لتجنب عزلة دولية أعمق. لكن ما لم تُتبع هذه الخطوات بإصلاحات حقيقية وملموسة، قد تبقى هذه الجهود مجرد مناورة سياسية قصيرة الأمد. الولايات المتحدة والعالم يُدركان أن معالجة القضايا الحقوقية ليست مجرد لقاءات دبلوماسية، بل تتطلب إرادة سياسية حقيقية لتغيير الوضع على الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى