العلاقات المغربية-الموريتانية.. وثائق أمريكية سرية تكشف حقائق قد تصدم البعض وتؤكد شكوك البعض الآخر
الدار/ تحليل
لطالما شكلت العلاقات المغربية-الموريتانية ملفاً دبلوماسياً معقداً يتسم بالتقلبات والتوازنات الدقيقة. ومع ظهور وثائق سرية كشفتها وزارة الخارجية الأمريكية، تتضح معالم جديدة لهذا الملف الحساس، تكشف حقائق قد تصدم البعض وتؤكد شكوك البعض الآخر.
الوثائق المسربة أظهرت أن النظام الموريتاني السابق كان يتبنى موقفاً بعيداً عن الحياد المعلن بخصوص نزاع الصحراء. بل على العكس، يبدو أن هذا النظام كان يسعى إلى إبقاء الوضع الراهن قائماً دون حلول جذرية، ما يثير العديد من التساؤلات حول المصالح التي كان يخدمها هذا التوجه.
من المعروف أن موريتانيا تاريخياً حاولت لعب دور الوسيط في النزاع الصحراوي بين المغرب وجبهة البوليساريو. غير أن الوثائق الجديدة تكشف أن النظام الموريتاني السابق ربما كان يميل إلى الإبقاء على النزاع مستمراً دون الوصول إلى تسوية. ووفقاً للمعلومات التي تم الكشف عنها، فإن هذا الموقف لم يكن وليد الصدفة، بل يعكس استراتيجية تستند إلى مكاسب سياسية واقتصادية محتملة قد يجنيها النظام من استمرار الأزمة.
مصادر دبلوماسية مطلعة تؤكد أن النظام السابق في نواكشوط كان يرى في استمرار التوتر الإقليمي وسيلة لتحقيق توازن بين القوى الإقليمية، بما يسمح له بلعب ورقة استراتيجية بين المغرب والجزائر، الطرفين الرئيسيين في النزاع. هذا الموقف لم يكن يخدم الاستقرار الإقليمي بقدر ما كان يعزز حالة الجمود التي ألقت بظلالها على التنمية والتعاون المغاربي لعقود.
العلاقات بين الرباط ونواكشوط، ورغم الطابع الحذر الذي يميزها، عرفت فترات من التوتر والانفراج. إلا أن هذه التسريبات قد تلقي بظلالها على المرحلة القادمة، خاصة في ظل النظام الحالي في موريتانيا الذي يحاول إعادة تشكيل موقف بلاده تجاه عدد من القضايا الإقليمية.
يرى مراقبون أن المغرب كان واعياً بالموقف الحقيقي للنظام الموريتاني السابق، لكنه فضل التعامل مع الملف بحذر لتجنب أي تصعيد يؤثر على استقرار المنطقة. ومع ذلك، فإن هذا الكشف يضع النظام الحالي في نواكشوط أمام تحدي إعادة بناء الثقة وإثبات التزامه بالحياد الفعلي تجاه هذا النزاع.
في ظل التحولات الإقليمية والدولية، أصبح من الضروري أن تسعى دول المنطقة إلى تجاوز الصراعات المفتعلة والتركيز على التعاون لتحقيق التنمية المستدامة. فاستمرار نزاع الصحراء لم يخدم سوى الأطراف المستفيدة من الجمود، بينما عانت شعوب المنطقة من تراجع فرص الاندماج الاقتصادي والاجتماعي.
فهل ستؤدي هذه التسريبات إلى تغيير جذري في مواقف الأطراف المعنية؟ أم أنها ستظل مجرد حقائق تاريخية يتم تجاوزها في ظل تحولات الواقع السياسي الراهن؟
ما هو مؤكد أن المرحلة المقبلة ستتطلب خطوات شجاعة من جميع الأطراف لتعزيز الاستقرار وبناء مستقبل مشترك لشعوب المنطقة.