أخبار الدارسلايدر

خريج الدكتوراه بالمغرب موسى آغ طاهر من داعم لفكرة “دولة أزواد” إلى دبلوماسي يمثل الوحدة الوطنية في مالي

الدار/ خاص

في السادس من أبريل 2012، أعلن موسى آغ طاهر، الذي حصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من المغرب، عن تأسيس “دولة أزواد” في شمال مالي، ليكون بذلك أحد أبرز الشخصيات التي قادت حركة انفصالية في منطقة الساحل والصحراء. إلا أن هذا الإعلان لم يكن سوى بداية لمرحلة قصيرة انتهت بسرعة بسبب تعقيدات الواقع السياسي والعسكري، ما دفع به إلى إعادة النظر في توجهاته السابقة.

واليوم، يزور موسى آغ طاهر موريتانيا بصفته مبعوثًا شخصيًا لرئيس مالي إلى نظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وهو تحول دراماتيكي في مسار حياته السياسية. هذا التحول لا يمثل فقط تغييرًا في الموقف السياسي لآغ طاهر، بل هو أيضًا إشارة إلى درسٍ بالغ الأهمية للأطراف المتعاطفة مع أفكار الانفصال في مناطق أخرى، ومنها الصحراء.

حين أعلن موسى آغ طاهر عن “دولة أزواد”، كانت المنطقة تعيش في حالة من الفوضى السياسية والأمنية بعد سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا، ما أدى إلى انفلات أمني كبير في المنطقة. ومع تنامي الحركات الانفصالية في شمال مالي، كان طاهر أحد الشخصيات البارزة التي رأت أن إنشاء دولة مستقلة في أزواد قد يكون الحل الوحيد لمشاكل المنطقة. لكن سرعان ما اصطدم هذا الحلم بواقعٍ قاسي من رفض داخلي ودولي، فالدولة الجديدة لم تستطع الحفاظ على سيطرتها في ظل تداخل المصالح الإقليمية والدولية.

ومع مرور الوقت، أصبح من الواضح أن فكرة “الدولة” لم تكن سوى وهم في سياق سياسي معقد تتداخل فيه الصراعات العرقية، القبلية، والأيديولوجية، ليجد موسى آغ طاهر نفسه في موقع لا يستطيع فيه مقاومة الضغوط الداخلية والخارجية التي دفعته إلى تغيير موقفه.

اليوم، يمثل موسى آغ طاهر مالي في موريتانيا، وهو أمر يعكس تحولًا كبيرًا في مواقفه من الانفصال إلى الوحدة الوطنية. هذا التحول قد لا يكون مفاجئًا بالنظر إلى التحولات التي شهدتها مالي نفسها في السنوات الأخيرة، والتي أثبتت أن الحلول السياسية لا تكمن في تقسيم الدول، بل في تحقيق المصالحة الوطنية والالتزام بالحوار كسبيل لحل النزاعات.

زيارة آغ طاهر لموريتانيا تأتي في وقت حاسم، حيث تشهد المنطقة تحولًا في علاقاتها الإقليمية، لا سيما بعد الأزمات الأمنية التي عصفت بالدول المجاورة. قد يعكس الدور الجديد الذي يلعبه آغ طاهر محاولة لإعادة بناء الثقة بين مختلف الأطراف في مالي، وكذلك تعزيز التعاون الإقليمي الذي قد يساعد في استقرار منطقة الساحل.

تحول موسى آغ طاهر من داعم لفكرة الانفصال إلى دبلوماسي يمثل الوحدة الوطنية في مالي، هو درس للعديد من الحركات الانفصالية في منطقة شمال أفريقيا. فالمسار الذي سلكه قد يُلهم قادة الحركات السياسية في مناطق أخرى، مثل الصحراء الغربية، الذين يعكفون على فكرة بناء “دولة مستقلة” في مناطق ذات نزاعات طويلة الأمد.

إن تجارب الحركات الانفصالية في مناطق مثل أزواد والصحراء المغربية تُظهر أن فكرة الانفصال تعالج بالعودة إلى الحوار والتفاوض مع الحكومات المركزية هي الخيار الأكثر واقعية لتحقيق التطلعات الوطنية، دون الانزلاق إلى فوضى قد تكون مكلفة على الجميع.

يمثل موسى آغ طاهر نموذجًا لشخصية سياسية تغيرت مواقفها تحت تأثير الواقع، ومن خلال إعادة النظر في طموحات الانفصال، أصبح اليوم جزءًا من الجهود الرامية إلى تعزيز الوحدة الوطنية في مالي. قصة موسى آغ طاهر هي درس في السياسة الواقعية، وتُظهر أن السعي وراء حلول سلمية ومستدامة يمكن أن يكون أكثر فاعلية من التفريط في الأحلام الانفصالية التي قد تقود إلى صراعات دائمة.

زر الذهاب إلى الأعلى