أخبار الدار

لماذا تهدد القنبلة الإيرانية مصالح المغرب وجيرانه؟

الدار / رشيد عفيف

في ماي 2018 اتخذ المغرب قرارا سياديا في علاقاته الخارجية يهم قطع علاقاته مع إيران بسبب تورط نظام الملالي في دعم انفصاليي البوليساريو  بتسهيل عمليات إرسال الأسلحة والدعم العسكري والتدريب منهيا بذلك عقودا طويلة من المناوشات الإيرانية التي كانت تستهدف وحدة البلاد الروحية والترابية. ولا تبشر مجريات الأحداث الحالية المتميزة بصراع متفاقم بين طهران والغرب حول المسألة النووية بخير خصوصا بعد أن ظهر أن هناك سعيا إيرانيا حثيثا قد يتوج قريبا بالحصول على القنبلة النوية.

هذا الاحتمال هو ما حذر منه وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، الذي ينافس على منصب رئيس وزراء بريطانيا، عندما كشف بالأمس أنه لم يعد أمام إيران سوى عام للوصول إلى تصنيع قنبلة نووية. وتأكدت هذه المخاوف عقب تصريح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في بيان، يقول فيه إن «أي توقع بأن تعود إيران إلى الظروف التي سادت قبل 8 مايو 2019 دون برهنة الأوروبيين عن إرادة سياسية وقدرة عملية» على تخفيف العقوبات، «هو توقع غير واقعي». كما أعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أمس أن إيران يمكنها «العودة إلى الوضع» الذي كان سائداً قبل إبرام اتفاق يوليو 2015 بشأن برنامجها النووي.

ويؤكد هذا التوجه الإيراني نحو إنتاج سلاح نووي إلى أن علاقة طهران بجيرانها الخليجيين ومن ثمة علاقتها بالمغرب لن تسير نحو التطور والتحسين. فعلاقات الرباط بطهران حكمتها القطيعة بعد أن تلقت ضربة قاتلة بسبب تدخل الإيرانيين في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. واليوم أضحت هذه العلاقات مرشحة للمزيد من القطيعة بسبب احتمالات العودة إلى البرنامج النووي ومن ثمة إنتاج القنبلة النووية. فبعد أن حافظ المغرب على شعرة معاوية مع الإيرانيين لسنوات طويلة إلا أن ذلك لم يعد ممكنا بعد أن تأكد التدخل الإيراني في القضية الوطنية ومحاولة التأثير على الموقف المغربي انتقاما من حرصه على دعم حلفائه في الخليج العربي.

ورغم محاولات الإنكار الإيرانية والتضليل الذي حاول حليفه حزب الله القيام به بخصوص هذا الموضوع فقد أكدت المعلومات الموثقة والتفصيلية التي قدمتها الخارجية المغربية هذه المناوشات. فقد أكد المغرب قيام حزب الله بتدريب عناصر البوليساريو على حرب العصابات وإرسال أسلحة إلى الجبهة، بما فيها تلك المضادة للطائرات من طراز "سام 9" و"ستريلا"، وذلك بعد اعتقال السلطات المغربية في مارس 2017 أحد أطر الحزب المدعو قاسم محمد تاج الدين الصادرة بحقه مذكرة اعتقال دولية صادرة من واشنطن. هذا التاريخ المتوتر في علاقة طهران بالرباط يؤكد أن حصول الإيرانيين على السلاح النووي قد يؤثر تأثيرا سلبيا  وبالغا على هذه العلاقات وربما زاد في تأزيمها.

فقد مارست إيران وهي خارج نادي الدول النووية محاولات حثيثة منذ عقود من أجل تصدير الثورة إلى كل بلدان المنطقة ومن بينها المغرب، وتأكد خلال هذه الفترة أن الطريق الأول الذي سلكته إيران هو زعزعة الأمن الروحي للمغاربة من خلال العمل على نشر التشيع خصوصا في أوساط الجاليات المغربية المقيمة في أوربا. وكان المغرب قد قرر عام 2009 خلال فترة حكم الرئيس محمود أحمدي نجاد قطع علاقاته الدبلوماسية كاملة مع إيران من جانب واحد بعد اتهام العاملين بالسفارة الإيرانية في الرباط بالعمل على نشر التشيع الإيراني بالمغرب. ومن المؤكد أن دخول إيران نادي القوى النووية سيؤكد هذا التوجه نحو تشييع بلدان المنطقة وتعزيز الهيمنة.

ومن المؤكد أن سعي الجوار الإيراني للحؤول دون امتلاك طهران للسلاح النووي يتقاطع أيضا مع مصالح الدول المغاربية وعلى رأسها المغرب الذي تتعارض اختياراته الدبلوماسية والدولية مع الطموحات النووية الإيرانية. فهذه الطموحات لن تزيد في حال تحققها إلا في تأزيم العلاقات بين البلدين بالنظر إلى حالة اللاتوازن الجيواستراتيجي التي يمكن أن تخلقها لصالح نظام ولاية الفقيه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

واحد × واحد =

زر الذهاب إلى الأعلى