ملف الصحراء المغربية على مشارف الحسم و تحولات كبرى ومواقف دولية تعيد رسم معادلة النزاع المفتعل

الدار/
تدخل قضية الصحراء المغربية مرحلة مفصلية في مسارها السياسي، حيث تشهد مواقف القوى الكبرى تطورا غير مسبوق ينذر بتحولات جوهرية في مداولات مجلس الأمن المرتقبة أواخر أبريل المقبل. فمنذ أن اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية، بسيادة المغرب على صحرائه، بدأت واشنطن تعيد النظر في جدوى استمرار تمويل بعثة المينورسو، معتبرة أن هذه المهمة الأممية أضحت عبئا سياسيا بلا مردودية فعلية ، وفي هذا التوجه ما يؤشر إلى أن الولايات المتحدة تميل إلى إعادة ضبط استراتيجيتها، بما ينسجم مع رؤية تركز على حلول عملية بدل الإبقاء على وضع متجمد لا يخدم إستقرار المنطقة.
أما فرنسا، فتتبنى مقاربة أكثر صرامة، إذ تدافع عن ضرورة نزع سلاح جبهة البوليساريو كشرط أساسي لأي تسوية سياسية، وإلا فإنها لا تستبعد شرعية تدخل مغربي لتفكيك القدرات العسكرية لهذه الحركة الإنفصالية في تندوف والتي تشير اليها أصابع الاتهام الدولية بتورطها في عمليات إرهابية ،مما سيعجل بتصنيفها منظمة إرهابية. ويتماهى هذا الطرح مع الأولويات الأمنية المستجدة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث تتعاظم التهديدات العابرة للحدود، ما يجعل من استمرار البوليساريو كمجموعة مسلحة عاملا غير مقبول في معادلة الاستقرار الإقليمي. وقد بات هذا التصور يحظى بزخم متزايد داخل الدوائر الدبلوماسية الغربية، حيث لعب السفير الفرنسي في الرباط دورا محوريا في تسويقه داخل أروقة مجلس الأمن.
في ظل هذه المستجدات، تجد الجزائر نفسها أمام مأزق إستراتيجي معقد ، فالتخلي عن ورقة البوليساريو، سواء عبر تفكيكه أو نزع سلاحه، يعني خسارة أحد أهم أدواتها للضغط الإقليمي ، في وقت تواجه فيه تحديات داخلية وخارجية متفاقمة. ومن جهة أخرى، فإن أي تقليص في دور المينورسو أو حتى إنهائه سيجعل استمرار النزاع مفتعلا أكثر منه واقعيا، مما يفرض إعادة النظر في أسس التعاطي الأممي مع الملف.
ومما يضفي على هذا المشهد مزيدا من الزخم، الزيارة الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا إلى الرباط، والتي حملت في طياتها إشارات واضحة إلى تحولات مرتقبة في مداولات مجلس الأمن القادمة. فالمبعوث الأممي، وإن لم يفصح عن فحوى مشاوراته، يدرك أن السياق الحالي لم يعد يسمح بمزيد من الدوران في الحلقة المفرغة للحل الوهمي، وأن الواقع الدولي المستجد يفرض خيارات أكثر واقعية ومنسجمة مع التطورات الميدانية.
ختاما، إن المشهد الدولي والإقليمي بات أكثر ميلا إلى الحسم، وأجواء مجلس الأمن في نهاية شهر أبريل ستشهد نقلة نوعية في طريقة التعاطي مع ملف الصحراء المغربية. فمع تصاعد القناعة بعدم جدوى الوضع القائم، وإستمرار التحولات الجيوسياسية التي تعيد ترتيب أولويات القوى الكبرى، سيعجل ببزوغ شمس الحقيقة، حيث لم يعد من الممكن الإبقاء على حالة الجمود التي طال أمدها، بل إن مسار الحسم قد بدأ بالفعل، والمسألة باتت مسألة وقت ليس إلا.
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
باحث في الهجرة وحقوق الإنسان
النائب الأول لرئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية.