
الرباط –احمد البوحساني
انطلقت صباح اليوم بالعاصمة المغربية الرباط، أشغال الدورة الثالثة والثمانين للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني الإفريقي، بمشاركة وفود برلمانية رفيعة من مختلف دول القارة. وشكلت كلمة السيد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين المغربي، لحظة بارزة في افتتاح هذا الحدث، حيث دعا إلى تعزيز التعاون البرلماني الإفريقي وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المتنامية التي تواجه القارة.
وفي كلمته، عبّر ولد الرشيد عن فخر المملكة المغربية باحتضان هذه الدورة الهامة، معتبراً إياها محطة نوعية لترسيخ أواصر التعاون بين برلمانات القارة. وأشار إلى أن تنظيم الدورة في الرباط يعكس حرص المغرب على دعم العمل البرلماني المشترك وتفعيل الحوار الإفريقي في ظل ظرفية دولية وإقليمية دقيقة.
وأوضح أن التحديات الراهنة، من أمن وسلم وتنمية مستدامة وعدالة اجتماعية إلى التغيرات المناخية والتكنولوجية، تفرض على البرلمانات الإفريقية التفاعل السريع والابتكار في الاستجابة لتطلعات الشعوب.
واستعرض رئيس مجلس المستشارين الجهود التي تبذلها المملكة المغربية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، لتعزيز التعاون الإفريقي، مؤكداً أن المغرب يعتبر التعاون جنوب-جنوب خياراً استراتيجياً لا رجعة فيه.
وسلط الضوء على عدد من المبادرات الملكية التي تترجم هذا التوجه، من بينها:
مبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، التي تهدف إلى تنسيق الجهود وتكثيف التعاون بين الدول المطلة على المحيط الأطلسي؛
المبادرة الدولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، والتي ترمي إلى فك العزلة الجغرافية عن هذه الدول وتمكينها من تسويق منتجاتها بشكل مباشر؛
مشروع أنبوب الغاز المغربي-النيجيري، باعتباره نموذجاً للاندماج الإقليمي ورافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وأكد ولد الرشيد أن المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية المتقدمة رهن إشارة الدول الإفريقية، من طرق وموانئ وسكك حديدية، في إطار شراكة رابح-رابح تعود بالنفع على شعوب القارة.
وشدد رئيس مجلس المستشارين على أهمية مراجعة نصوص الاتحاد البرلماني الإفريقي خلال هذه الدورة، معتبراً أن الأمر يتجاوز مجرد التعديلات التقنية ليشمل إعادة تأهيل شاملة للمؤسسة بما يتماشى مع تطلعات الشعوب الإفريقية وسياقها المتغير.
وأضاف أن البرلمان المغربي يؤمن بأهمية اعتماد منهجية تشاركية وشفافة في هذه المراجعة، من أجل برلمانات قارية أكثر تمثيلية وفعالية.
كما دعا محمد ولد الرشيد إلى تعزيز أدوار البرلمانات الإفريقية بصفتها صوت الشعوب الحقيقي، من خلال تقوية آليات الرقابة والتشريع والدبلوماسية البرلمانية. وأكد أن القارة بحاجة إلى برلمانات تدعم مشاريع التكامل، كمنطقة التجارة الحرة القارية، وتسهم في تحقيق الأمن والتنمية.
وفي ختام كلمته، أعرب عن ثقته في أن مخرجات الدورة الحالية ستشكل خطوة حاسمة نحو تفعيل التعاون البرلماني القاري، ووضع خارطة طريق طموحة تستجيب لتطلعات الشعوب. ودعى إلى تحويل هذا اللقاء للحظة فارقة من أجل تعزيز روح الوحدة والتضامن، مؤكداً أن الطريق إلى “إفريقيا الغد” يمر عبر تقوية صوت الاتحاد البرلماني الإفريقي في الساحة الدولية.