أخبار دوليةسلايدر

ماكرون يلوّح بالحزم في وجه الجزائر: بداية تحوّل فرنسي في التعاطي مع الاستفزازات الجزائرية

الدار/ سارة الوكيلي

وجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة شديدة اللهجة إلى الوزير الاول الفرنسي، فرانسوا بايرو، اعتبر فيها أن الوقت قد حان لاعتماد نهج أكثر صرامة في التعامل مع ما وصفه بالممارسات الاستفزازية من طرف السلطات الجزائرية. ماكرون أكد أن الحكومة الجزائرية تجاهلت عمدًا نداءات متكررة من فرنسا من أجل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين البلدين، مشددًا على أن باريس لم تعد تملك ترف الانتظار أو التعامل بالليونة، وأنها مضطرة اليوم لتبنّي مقاربة قائمة على الحزم والوضوح.

هذه الرسالة لا تخرج عن سياق التوتر المتصاعد بين البلدين منذ أشهر، إذ باتت العلاقات الثنائية تشهد فتورًا غير مسبوق، تغذيه سلسلة من التصريحات العدائية الصادرة عن مسؤولين جزائريين تجاه فرنسا، إضافة إلى تصعيد إعلامي متواصل يتهم باريس بالتدخل في الشؤون الداخلية للجزائر. كل ذلك يأتي في وقت يتجاهل فيه النظام الجزائري التنسيق مع فرنسا في ملفات استراتيجية، من أبرزها قضايا الهجرة غير النظامية ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، ما اعتبرته باريس مؤشرًا على غياب الإرادة السياسية لدى الجزائر لبناء علاقة متوازنة قائمة على المصالح المشتركة.

رسالة ماكرون الأخيرة تأتي لتترجم هذا الانزعاج الفرنسي المتنامي، وتبعث بإشارة واضحة مفادها أن فرنسا لم تعد مستعدة لتقبل الدور الذي تسعى الجزائر لفرضه كطرف دائم التوتر والمزايدة، وأن زمن المجاملات الدبلوماسية قد شارف على نهايته. فباريس، التي حاولت مرارًا تجاوز الخلافات التاريخية وفتح صفحة جديدة قائمة على الشراكة والاحترام، ترى نفسها اليوم في موقع لا يسمح لها بالاستمرار في سياسة ضبط النفس، خاصة بعدما تمادت الجزائر في خطاباتها الاستفزازية وسلوكها المتصلب.

ورغم أن فرنسا لطالما تعاملت بحذر مع الجزائر مراعاة لتعقيدات الإرث الاستعماري والروابط الإنسانية والاقتصادية بين الشعبين، إلا أن المؤشرات الأخيرة توحي بأن قصر الإليزيه بصدد إعادة صياغة هذه العلاقة وفق مقاربات جديدة، تضع مصلحة فرنسا أولًا، وتُخضع العلاقة لمعايير الندية والاحترام المتبادل، بدلًا من منطق الابتزاز العاطفي والسياسي الذي دأبت الجزائر على توظيفه كلما اشتدت أزماتها الداخلية.

المرحلة المقبلة قد تحمل تغيرات ملموسة في طريقة تعامل فرنسا مع الملف الجزائري، سواء عبر تقليص مجالات التعاون أو فرض إجراءات سياسية أو دبلوماسية أكثر صرامة، في حال استمرت الجزائر على نهجها الحالي. فرسالة ماكرون لم تكن مجرد توبيخ دبلوماسي عابر، بل تعبير عن قرار سياسي آخذ في التبلور داخل أروقة الحكم في باريس، ويهدف إلى إعادة ترتيب قواعد اللعبة مع نظام بات يراكم الاستفزازات دون أن يقدّم أي بوادر حسن نية.

زر الذهاب إلى الأعلى