أخبار دوليةسلايدر

الجزائر بين القمع والمطالب الشعبية: دعوة تاريخية من مائة شخصية جزائرية بارزة لتغيير النظام الجزائري

الدار/ إيمان العلوي

أطلقت نحو مئة شخصية جزائرية بارزة دعوة مفتوحة للشعب لتغيير النظام الجزائري الحالي نحو الحرية والعدالة والمساواة، في وقت يشهد البلد تصاعدًا غير مسبوق لقمع المعارضة السياسية والحريات المدنية. وشملت قائمة الموقعين سياسيين من أحزاب المعارضة، رجال أعمال، ومسؤولين سابقين، إضافة إلى ممثلين من المجتمع المدني، في محاولة لإحداث توازن بين القوى الشعبية والمركزية السلطوية.

تأتي هذه الدعوة تزامنًا مع الذكرى 69 لمؤتمر صومام، المؤتمر التاريخي الذي جمع قادة جبهة التحرير الوطني في 1956، والذي كان نقطة تحول في مسار الثورة الجزائرية. وأكد البيان أن “التطلعات الشعبية التي عبر عنها الحراك الشعبي في فبراير 2019 لم تجد بعد تجاوبًا يليق بالدفع الوطني الذي حملها”، مشيرًا إلى أن الشعب الجزائري ما زال يعيش في ظل نظام يستخدم القوانين المقيدة للحريات وتضييق مساحة التعبير العام كأدوات للحفاظ على السلطة، مستندًا على موروث من المحافظة السياسية والتوجهات التسلطية.

وحذر البيان من أن استمرار هذه السياسات قد يزيد الهوة بين الشعب والنظام، مؤكدًا على ضرورة إقامة دولة جمهورية مدنية، علمانية، ومستقلة عن النفوذ العسكري والديني، تقوم على العدالة الاجتماعية والمساواة والكرامة للجميع، دون تمييز على أساس الجنس أو اللغة أو الدين أو الوضع الاجتماعي. وتضمنت المطالب العاجلة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وإنشاء قضاء مستقل يعزز الحقوق الأساسية ويكفل المحاسبة.

وتسعى هذه الدعوة إلى توحيد المجتمع المدني والمثقفين والفنانين والنقابات والجالية الجزائرية بالخارج حول رؤية إصلاحية واحدة، من أجل بناء مسار ديمقراطي موحد، مستوحى من الروح الوطنية لمؤتمر أغسطس 1956، الذي جسد مشروعًا وطنيًا جامعًا. ويعتبر عطمان مازوز، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أحد أبرز الموقعين الذين يطالبون بفتح ثغرة في جدار الصمت المفروض من قبل السلطة، داعيًا إلى جزائر مستقلة وديمقراطية وعلمانية، قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

من زاوية التحليل السياسي، تعكس هذه الدعوة تصاعد الإحباط الشعبي من السياسات التسلطية لتبون، الذي أعاد انتخابه بنسبة 84% في 2024 وسط اتهامات واسعة بالتزوير والتضييق على المعارضة. كما تشير الخطوة إلى محاولات جادة لإشراك مختلف أطياف المجتمع في حوار وطني شامل، رغم محدودية حرية التعبير، وهو ما قد يكون له تأثير مباشر على الاستقرار الداخلي للجزائر ويضع النظام تحت ضغط دولي متزايد. كما أن أي تغييرات سياسية جذرية في الجزائر قد يكون لها انعكاس إقليمي على شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، بالنظر إلى الدور المحوري للجزائر في قضايا الأمن والطاقة والهجرة.

وفي هذا السياق، تبدو الدعوة الموقعة من قبل هذه الشخصيات خطوة استباقية نحو تأسيس جبهة داخلية ديمقراطية أكثر اتساعًا، قد تشكل أساسًا للتفاوض السياسي مستقبلاً، مع إمكانية أن تلعب دورًا في إعادة رسم خارطة القوى السياسية في الجزائر خلال السنوات المقبلة، بما يحقق طموحات الشعب الجزائري في دولة ديمقراطية وعادلة.

زر الذهاب إلى الأعلى