أخبار الدارسلايدر

حسم ملف الصحراء المغربية المفتعل إنتصار للدبلوماسية الملكية ونهاية لمشروع إنفصالي جزائري

حسم ملف الصحراء المغربية المفتعل إنتصار للدبلوماسية الملكية ونهاية لمشروع إنفصالي جزائري

شكل ملف الصحراء المغربية أحد أعقد الملفات المفتعلة في التاريخ السياسي الحديث للمملكة، إذ يتقاطع فيه البعد الوطني مع الإمتدادات الإقليمية والدولية، في إطار صراعات جيوسياسية متشابكة. وقد كان للقيادة الملكية دور مفصلي في صياغة هذا المسار، عبر إستراتيجية متدرجة وهادئة، رسخت حضور المغرب في المحافل الدولية، وحولت عدالة القضية إلى لغة قانونية وسياسية راسخة، مستندة إلى الشرعية التاريخية والروابط الاجتماعية والحقوقية التي تثبت الارتباط العضوي والدائم للأقاليم الجنوبية بالمملكة.

لقد أفرز مسار المفاوضات الممتد لأكثر من خمسة وثلاثين سنة وبعد اتفاق اطلاق النار سنة 1991، مآلات متناقضة، إنتهت إلى فشل ذريع للجزائر وصنيعتها بوليساريو، مقابل نجاح المغرب الذي إستطاع، بفضل دبلوماسيته النشطة ومشاريعه التنموية بالأقاليم الجنوبية، أن يفرض معادلة “الرابح الرابح”، في حين ظلت الجزائر حبيسة موقع “الخاسر الخاسر”.
غير هذه أن المقاربة الدبلوماسية، لا تنفصل عن دور النخب الصحراوية التي تمثل الإمتداد الشرعي للهوية التاريخية والقبلية المغربية، فهذه النخب عندما تتحرر من الحسابات الضيقة، تتحول إلى قوة ناعمة فاعلة، قادرة على مواجهة الطروحات الإنفصالية بالحجة والبرهان، وعلى تجديد قنوات التواصل مع الساكنة المحلية بما يعزز إنخراطها في المشروع الوطني.
إن انتقال هذه النخب من الدفاع الخطابي إلى صياغة مبادرات عملية وتنموية يشكل ضرورة ملحة لإبراز مصداقية الخيار الديمقراطي في الأقاليم الجنوبية، وقطع الطريق على الخصوم الذين يوظفون خطاب التهميش والإختلال.
لقد ظل مستقبل القضية رهينا بقدرة المغرب على المزاوجة بين الدبلوماسية الملكية الهادئة والبراغماتية من جهة، وإشراك النخب المحلية في القرار والتدبير من جهة أخرى. أما رهان التنمية في الأقاليم الجنوبية فيشكل ورقة إستراتيجية حاسمة لتقويض الأطروحة الإنفصالية، خاصة في ظل السياق الدولي الذي يتجه نحو تبني الحلول الواقعية والتوافقية، وهو ما يتجسد في تنامي الدعم الدولي لمقترح الحكم الذاتي.
إن المرحلة المقبلة النثمتلة في تنزيل مقترح المملكة، كحل وحيد وأوحد ، على أرض الواقع هو إعلان بحسم الملف المفتعل، و يتتحدد بمدى القدرة على ترسيخ إشعاع المؤسسات الجهوية، وتطوير النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية بما يدفع بتثمين الرأسمال البشري، والإنفتاح على الاقتصاد الأخضر، وتوسيع التعاون جنوب جنوب. إن الرهان الأكبر يتجسد في تحويل الصحراء المغربية إلى منصة للتكامل بين الشمال والجنوب، وجسرا للتعاون الإفريقي، بما يعزز مكانة المغرب كفاعل صاعد في محيطه الإقليمي والدولي.

ختاما، لقد انتقلت معركة الصحراء من مجرد مواجهة سياسية أو عسكرية إلى معركة تنموية وقيمية، حيث يقاس النجاح بقدرة المغرب على ترسيخ دولة القانون والمؤسسات، وإشراك الساكنة الصحراوية في صياغة مستقبلها ضمن السيادة الوطنية. وهنا تبرز مسؤولية تاريخية على عاتق النخب الصحراوية، باعتبارها الحلقة الحاسمة في تثبيت الانتماء وتجديد العقد الاجتماعي بين الدولة وأقاليمها الجنوبية، بما يضمن صيانة وتحصين المكتسبات.

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
خبير في نزاع الصحراء المغربية

زر الذهاب إلى الأعلى