أخبار الدارسلايدر

عملية بئر لحلو رسالة عسكرية لضم المنطقة العازلة و لدرئ التهديدات الإرهابية والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود .

عملية بئر لحلو رسالة عسكرية لضم المنطقة العازلة و لدرئ التهديدات الإرهابية والأنشطة الإجرامية العابرة للحدود .

يبدو أن العملية الخاطفة التي قامت بها وحداث خاصة من القوات المسلحة الملكية في محيط بئر لحلو لم تكن مجرد تحرك تكتيكي محدود خلف الجدار الأمني و الدفاعي، بل هي إشارة عميقة الدلالة تهدف تغيير قواعد الإشتباك في المنطقة العازلة لدرئ كل اعتداء إرهابي أو نشاط إجرامي منظم يهدف التراب المغربي، كما أنها إشارة قوية لبداية مرحلة جديدة تمزج بين المقاربة العسكرية الصارمة وبين الأبعاد الأمنية والاستخباراتية المرتبطة بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. فوفق ما تم نقله من مصادر موريتانية، إستعملت في العملية ثلاث مروحيات كبيرة مع حزام نيران ممتد على طول خمسين كيلومترا، وأسفرت عن إعتقال عناصر من بوليساريو إلى جانب بعض المهربين وتجار المخدرات، وهو ما يعكس بوضوح التداخل الخطير بين الميليشيات المسلحة الإرهابية والشبكات الإجرامية العابرة للحدود.

بوليساريو المتورطة اليوم ، في العديد من العمليات الارهابية ودعمها بالعناصر والسلاح لعصابات اجرامية خطيرة داخل التراب الموريتاني، و تغلغلها داخل المنطقة العازلة للقيام بعمليات إرهابية لأستهداف مدنيين عزل، ولتسهيل الطريق نحو عصابات الاتجار بالأسلحة والمخدارت التي تنشط في مناطق حدودية بالشمال الموريتاني، وأمام هذا التطور الذي يمس سيادة دولة موريتانيا والمملكة المغربية. تعمل عصابة بوليساريو الإرهابية جاهدة بدفع دفع التهم اللصقة بها عبر إدعاء تعقبها لمنقبين عن الدهب داخل الأراضي الموريتانية، يعكس حالة إرتباك داخلي وإرتجاج في بنية هذا التنظيم الإرهابي،الذي خلق رجة داخل أجهزة الدولة الجزائرية وإنقسام الآراء حول ضرورة التخلص من إرث بومدين الثقيل، في مقابل تحكم المغرب في زمام المبادرة الأمنية والعسكرية في الساحل بعد التعاون العملياتي العالي السرية مع موريتانية و قوى التحالف من أجل الساحل، ووضع المغرب مقاربة تنموية نوعية لهذه الدول تمكنها من ولوج الساحل الأطلسي .
في هذا السياق، يندرج إستهداف عناصر بوليساريو الإرهابية وتجار المخدرات معا، ضمن إستراتيجية أوسع تروم ضرب منابع التمويل واللوجستيك، وتحجيم الشبكات التي تتغذى منها التنظيمات الإرهابية في الصحراء والساحل.
عمليةبير لحلو الأخيرة بالمنطقة العازلة وعلى مشارف الشريط الحدودي الشمالي الموريتاني ،تعتبر مؤشرا على أن التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الرباط ونواكشوط بلغ مستويات متقدمة، حتى وإن لم يعلن عنه بشكل رسمي. فمصلحة البلدين تلتقي اليوم عند ضرورة التصدي لحميع أنواع الجريمة المنظمة الذي أضحى يهدد الإستقرار الحدودي ويقوي شوكة الجماعات الإرهابية، الأمر الذي يجعل من هذا التعاون خيارا إستراتيجيا لا مفر منه.
إن الأفق الاستشرافي لهذه العملية وحسب قراءتنا المتواضعة، يكشف عن تحول عملياتي عال التنسيق يؤسس لمزيد من الضربات الإستباقية الدقيقة ضد شبكات التهريب وعصابة بوليساريو، بما يكرس الردع ويعيد رسم قواعد جديدة لحلحة الأمن الحدودي المغربي الموريتاني عبر نقاط الربط الطرقية الجديدة وضم المنطقة العازلة، فضلا على أنها عملية كشفة جرائم الملشية الإنفصالية التي أصبحت تقوم بعمليات رد إنتقامية غير متكافئة ضد منقبين أو مدنيين، وهو ما سيستدعي يقظة أكبر وتنسيقا أعمق بين المملكة والشقيقة موريتانيا، و فتح المجال أمام دعم دولي يعزز قدرات الضبط في الساحل والغرب الإفريقي.

ختاما، إن ما جرى في بئر لحلو ليس مجرد إنزال محدود، بل هو تعبير عن معركة مركبة ضد الإرهاب والجريمة المنظمة في قلب الساحل، وإشارة إلى أن المغرب عازم على خوضها بأدوات عسكرية واستخباراتية متقدمة، وبانفتاح على شراكات إقليمية مع موريتانيا وغيرها من دول الجوار. المغرب الذي عمل بإستباقية على ترسيخ معادلة جديدة، أساسها أنه لا وجود لمكان آمن لشبكات التهريب أو لميليشيات إنفصالية إرهابية تحاول إستثمار الفوضى الإقليمية.

ذ/الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان
خبير في نزاع الصحراء المغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى