الرياضةسلايدر

مغرب باتجاهين..والوجهة واحدة

الدار/ كلثومة إدبوفراض

بعدما حقّق المنتخب المغربي للشباب أمس الأربعاء، إنجازاً تاريخياً في بطولة مونديال الشيلي 2025، بتأهله المثير إلى المباراة النهائية، غمرت موجة من الفرح شوارع مدن المغرب من مراكش إلى الرباط وطنجة والدارالبيضاء.


هذه المشاهد، أعادت إلى الأذهان تلك اللحظات الخالدة التي عاشها المغاربة خلال تأهل أسود الأطلس إلى مونديال قطر، لتنعش ذاكرة الجماهير بعد فترة من الركود، لتؤكد مجددا أن الساحرة المستديرة تظل لغة الفرح والوحدة التي تجمع الكبار والصغار.

وباتت هذه الانتصارات الكروية المتتالية مألوفة إلى حدٍّ ما، حتى غدت جزءًا من الواقع الرياضي المغربي، ولعلّ المغاربة أنفسهم باتوا يقولون، بنوع من المزاح، إن توالي الفوز والتأهل جعلهم يقلّلون من مظاهر الاحتفال المعتادة، وكأنه أصبح أمرًا يوميًا لا يحتاج إلى صياحٍ في الشوارع.

لتأتي أشبال الأطلس وهم من جيل “زد”، فيدفعوا المغاربة من جديد إلى الخروج للاحتفال في الشوارع، بعد أن كانت هذه الشوارع نفسها تعجّ في وقت قريب بالمظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي قادها الجيل ذاته، للمطالبة بإصلاح قطاعات حيوية كالصحة والتعليم وتحقيق العدالة الاجتماعية.

إن هذا الجيل، أثبت لنا فعلياً أنه قادر على تحريك وطن بأكمله في اتجاهين معاً، دون عنف أو إقحام، سلاحه الأول كان الكلمة، بأسلوبها الحضاري والسلمي، والتي مكنته من إيصال صوته إلى قبة البرلمان، ليلقى تجاوباً كريماً من جلالة الملك محمد السادس، الذي منح بدوره دفعة قوية للمسؤولين من أجل تسريع وتيرة المشاريع التنموية وتحسين أداء المرافق العمومية الحيوية.

وسلاحه الثاني، الإنجاز، حين رفع راية البلاد عالياً في المحافل الرياضية الدولية، فقد أعاد هذا الجيل الاعتبار للكرة المغربية ، بعدما ردّ أشبال الأطلس الدّيِْن للبرازيل وأقصوها من الدور الأول، لتعيش ما جعلتنا نعيشه في مونديال 1998، ثم عادوا لفكّ عقدة الفوز على الديوك الفرنسية، التي كانت تستصغر قدراتنا للانتصار عليها، لكنها اليوم هي من سيكتفي بالمشاهدة في المباراة النهائية.

وبالنظر من زاوية الصفر لهذه الظاهرة الجيلية، يمكننا القول إن جيل “زد” جاء ليصفّي الحسابات الرمزية مع كل من شكّك في صورة المغرب، هو جيل قائد وقادر في الوقت ذاته على إعادة أبناء جيله، ممن دعوا إلى مقاطعة الملاعب، للعودة لأحضانها وتشجيع أبناء بلدها الحاملة للقميص الوطني، بعد أن برهنوا أن الانتصار الحقيقي هو ذاك الذي يوحّد، لا الذي يقاطع.

فما على جيل “زيد” إلا أن يدرك، أن دعوات مقاطعة الملاعب ستضر بالاقتصاد الوطني أكثر مما تساعد في إصلاحه، فبعد أن شهد نهضة حقيقية في قطاع الرياضة، لا ينبغي تعطيله لكي نعالج أي تقصير في القطاعات الأخرى، فالرياضة ليست مجرد لعبة، فهي رافعة اقتصادية واجتماعية وثقافية، وبدعمها يمكن مجابهة كل من يحاول التربص بسقوطنا وبها يتوحّد وطننا، وإعادة الحياة لجميع المجالات التنموية الأخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى