الجزائر في مجلس الأمن: حضور بلا موقف… وصوتها لا يُسمع إلا ضد المغرب

الدار/ إيمان العلوي
من يتتبع أداء الجزائر داخل مجلس الأمن الدولي يكتشف مشهداً دبلوماسياً يثير الكثير من التساؤلات. فبينما يتصاعد الدمار في غزة ويستمر النزاع في السودان، تغيب الجزائر — التي تمثل المجموعة العربية في المجلس — عن أي تحرك فاعل أو مبادرة ذات وزن. لا بيانات مؤثرة، لا وساطات إنسانية، ولا حتى مواقف سياسية تترجم الشعارات التي طالما رددها مسؤولوها في المحافل العربية.
يبدو أن الهاتف الدبلوماسي الجزائري لا يرنّ إلا في اتجاه واحد: المغرب.
فما إن تُدرج قضية الصحراء المغربية على جدول أعمال المجلس، حتى تبدأ التحركات المكثفة في كواليس الأمم المتحدة. اتصالات، مشاورات، محاولات للتأثير على المواقف، وضغوط تُمارس على بعض الأعضاء الدائمين—all في سبيل تعطيل أي قرار يُكرّس مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تحظى بتأييد دولي متزايد.
في المقابل، يُقابل هذا النشاط الصاخب تجاه المغرب صمت ثقيل عندما يتعلق الأمر بالقضايا العربية الجوهرية. لم تُبدِ الجزائر أي مبادرة جادة تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، ولم تُقدّم طرحاً عملياً لتخفيف المأساة في غزة، رغم موقعها كممثل للعرب داخل المجلس. الأمر ذاته يتكرر في الملف السوداني، حيث يغيب صوت الجزائر تماماً عن مساعي الحلول أو الوساطة.
هذا السلوك لا يمكن قراءته بمعزل عن السياسة الخارجية الجزائرية التي تبدو مرتبكة ومحدودة الأفق، إذ تُوجّه طاقتها السياسية كلها نحو العداء للمغرب، بدل أن توظف موقعها الدولي لخدمة القضايا العربية والإفريقية التي تحتاج اليوم إلى أصوات مسؤولة وذات مصداقية.
إن ما تكشفه هذه المفارقة هو أن الجزائر البلد العدو للمغرب، رغم امتلاكها فرصة نادرة للتأثير في قرارات مجلس الأمن، اختارت أن تكون طرفاً في الصراع الإقليمي بدلاً من أن تكون صوتاً للعرب. فبينما تبني الرباط علاقاتها على أساس الشراكة والواقعية، تواصل الجزائر استنزاف رصيدها الدبلوماسي في معارك خاسرة ضد جارتها الغربية، لتتحول من دولة “ممثلة للعرب” إلى دولة منشغلة بعداوة جارها أكثر من انشغالها بقضايا الأمة.






