هل ارتحتم الآن..؟
الدار / أحمد الخلفي
المتطوعات البلجيكيات اللواتي كن في نواحي تارودانت عدن إلى بلجيكا، لقد طلبت منهن الجمعية التي ينتمين إليها أن يغادرن المغرب فورا، ونصحت الباقيات بعدم السفر إلى المغرب.
المشكلة أن عددا من المتطوعات أصبن بالخوف في الأيام الأخيرة، وطلبن مغادرة المغرب، وهن يُعدن في أذهانهن جريمة "شمهروش" البشعة، خصوصا بعد أن طالب معلم من القصر الكبير ببتر رؤوسهن، وزاد الطين بلة نائب برلماني من العدالة والتنمية، الذي كاد يقول إن وجحود فتيات بالشورت يشكل خطرا على أمن واستقرار المغرب وزعزعة لعقيدة شعبه.
البلجيكيات، وقبل أن يرحلن، التقطن صورة جماعية رفقة عدد من سكان البلدة، وهن يرتدين الملحاف المحلي، ويرسمن على وجوههن ابتسامة جميلة تقول إنهن جئن إلى المغرب ليس من أجل زعزعة عقيدة أعضاء حزب "العدالة والتنمية"، بل فقط لتعبيد طريق وإصلاح مدرسة في قرية نائية، وربما تقول ابتسامتهن ايضا "إذا كان حزب العدالة والتنمية غاضبا منا لأننا لبسنا "الشورت" في مثل هذه الحرارة، فلماذا لم يسبقنا رجال هذا الحزب، الطاهر جدا، ويرسلوا بناتهم إلى هذه القرية للقيام بما كنا نقوم به..؟ !"..
ما قامت به المتطوعات البلجيكيات بسيط ورمزي ويمكن أن تقوم به أصغر جمعية في المنطقة، لكن وجودهن في المغرب يأتي بضعة أشهر فقط على جريمة "شمهروش" البشعة، وكان بالإمكان أن يشكلن مادة رائعة لإظهار صورة المغرب الحقيقية، أي أن المغرب، في عمق أعماقه، بلد بلا عقد نفسية ولا جنسية، وأن العقدة النفسية الوحيدة في هذه البلاد تأتي من أناس يعتقدون أنفسهم طهرانيين فوق العادة، قبل أن تفضحهم صور المطحنة الحمراء والمدلكة الشابة والكوبل البحري والكوبل البري وقناني ونبيذ واغادوغو.. والخيانة الزوجية المزدوجة بين البرلماني والبرلمانية.. وهلم جرجرة.
المعلم الأحمق الذي دعا، في تدوينة فيسبوكية، إلى قطع رؤوس المتطوعات، كان من الممكن علاجه بسهولة عبر بعض العقاقير المهدئة، التي تخفض جرعة الاستيهامات عند المكبوتين جنسيا، لكن المشكلة أن البرلماني عن "العدالة والتنمية، علي العسري، لم يترك مكانا للعلاج، وانضاف بدوره إلى الحمقى الداعين إلى حماية البلاد والعباد من خطر "الشورت" البلجيكي، رغم أن هؤلاء الموتورين المتأسلمين قد لا يتورعون عن قضاء يوم بكامله في شواطئ لا يدور فيها غير "الدّوبْياسْ" المستورد.
عموما.. لقد رحلت المتطوعات، وأبلغ رسالة هي أنهن قبل الرحيل تناولن وجبة لذيذة مع سكان القرية برجالها وشبابها وشيوخها ونسائها وأطفالها.. لكن لا أحد سينتبه لهذا.. فكل ما سيبقى في الذاكرة هو حمق المعلم.. وتدوينة برلماني البيجيدي.. والذي سيكون اليوم يغط في نوم عميق بعد أن زال الخطر عن البلاد.. !