اليوم العالمي للمسنين.. مناسبة سنوية للتحسيس بضرورة النهوض بحقوق هذه الفئة وترسيخ مبدأ التكافل بين الأجيال
يشكل اليوم العالمي للأشخاص المسنين، أحد أعياد الأمم المتحدة الذي يتم إحياؤه في 1 أكتوبر من كل سنة، مناسبة للتوعية والتحسيس بأهمية النهوض بحقوق هذه الفئة، وتعبئة مختلف الفاعلين من أجل بلورة مبادرات مجتمعية تجاهها، فضلا عن ترسيخ ثقافة التكافل والتضامن بين الأجيال.
وتتجدد في هذه المحطة السنوية الدعوات للاعتناء بالأشخاص المسنين وتقديرهم والاستفادة من تجاربهم، والمساهمة في تغيير النظرة السلبية تجاههم باعتبارهم ثروة قيمية ومعرفية، مع التركيز على النهوض بدور الأسرة باعتبارها الخلية الطبيعية التي تضمن التكفل بالأشخاص المسنين وتراعي حاجياتهم.
وتتمثل أبرز الأهداف التي سطرتها الأمم المتحدة لهذا اليوم العالمي في لفت الانتباه إلى هذه الفئة العمرية التي ساهمت في تنمية المجتمعات، والتوعية بأهمية رعايتها الوقائية والعلاجية، وتعزيز الخدمات الصحية والوقاية من الأمراض، وتوفير التكنولوجيا الملائمة والتأهيل، وتدريب الموظفين في مجال رعاية كبار السن، وتوفير المرافق اللازمة لتلبية احتياجات كبار السن (كدور العجزة)، والتعاون بين المؤسسات الحكومية والأسر والأفراد لتوفير بيئة جيدة لصحة ورفاهية المسنين.
وفي المغرب، يتم بذل جهود حثيثة لضمان العناية بفئة الأشخاص المسنين من الجنسين وتحسين ظروف عيشهم، بهدف بناء مجتمع متكافئ بالنسبة لكافة الأعمار، لاسيما وأن عدد الأشخاص البالغين 60 سنة فما فوق سيعرف ما بين 2014 و2050 تزايدا بوتيرة 3.3 في المائة كل سنة في المتوسط، مما يطرح تحديات على مستوى العلاجات الطبية وخطط الضمان الاجتماعي. ويفرض هذا الواقع تكثيف الجهود من أجل بلورة سياسة عمومية تحقق الالتقائية بين مختلف الفاعلين والمتدخلين، وفق مقاربة تشاركية وفي مختلف المجالات، سواء تلك المتعلقة بالجانب الصحي أو السوسيو-اقتصادي أو البيئي من أجل "شيخوخة سليمة" يتمتع فيها المسنون والمسنات بالاستقلالية الذاتية والمشاركة الفعالة.
وبالفعل، فقد أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خلال دورته ال53 العادية بإعداد "استراتيجية عمومية تدمج الحماية الاجتماعية للمسنين، وتتوفر على سبل المواكبة والتطور، وتأخذ في الاعتبار حقوقهم في الكرامة والمشاركة والاندماج الاجتماعي".
وهكذا، عملت وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، باعتبارها القطاع الوصي، على إطلاق هذا الورش الوطني، منذ سنة 2017، لإعداد سياسة عمومية مندمجة للأشخاص المسنين، تروم النهوض بوضعيتهم وتلبية انتظاراتهم واحتياجاتهم وفق مقاربة حقوقية تنص عليها الالتزامات الوطنية والدولية. وقد أكدت وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية السيدة بسيمة الحقاوي حينها أن إعداد هذه السياسة يعتبر خيارا استراتيجيا، تطمح من خلاله الوزارة إلى تشكيل إطار تنظيمي ينسق مختلف المبادرات والبرامج، سواء تلك المتوفرة أو المستقبلية، في مجال حماية الأشخاص المسنين.
وقالت إن هذا الورش الوطني يعد آلية لتنزيل الالتزامات المعبر عنها في دستور المملكة، الذي نص في ديباجته على حظر ومكافحة كل أشكال التمييز بسبب السن، وفي فصله 34 على وضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الفئات الهشة، ومن ضمنهم الأشخاص المسنون.
كما يعتبر آلية لتفعيل مضامين البرنامج الحكومي2017-2021، الذي أكد، في محوره الرابع المتعلق بتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، على وضع سياسة وطنية للأشخاص المسنين، واعتماد إطار تنظيمي لتدخل الدولة والمجتمع المدني لضمان كرامتهم وحقوقهم.
ويتم سنويا إطلاق حملة وطنية لفائدة الأشخاص المسنين تروم النهوض بثقافة التضامن بين الأجيال، من خلال تقوية الروابط الاجتماعية وخلق تماسك أفضل، وتحقيق تعبئة مجتمعية لتسليط الضوء على قضايا كبار السن، بما يعز ز مكانتهم داخل الأسرة والمجتمع، ويغي ر الصور النمطية حولهم، وذلك عبر بث وصلات تلفزية وإذاعية تحسيسية عبر القنوات العمومية، وتنظيم ندوات جهوية ولقاءات تواصلية محلية على امتداد التراب الوطني بمشاركة مختلف الفاعلين والمتدخلين في هذا المجال، بالإضافة إلى توزيع الملصقات والأقراص المدمجة لتعبئة كافة مكونات المجتمع.
غير أنه رغم الجهود المبذولة والحملات التحسيسية والتوعوية التي تقودها الوزارة الوصية في مجال رعاية وحماية الأشخاص المسنين، لا زالت هناك تحديات كبرى تتطلب تعبئة جميع الفاعلين، كتطوير جيل جديد من الخدمات الموجهة للمسنين، وتعزيز بنيات التكفل بهم مع توفير الموارد البشرية الكافية والمتخصصة في طب الشيخوخة والخدمات المنزلية، وكذا إتاحة التكنولوجيات الداعمة.