دراسة تشيد بدور الحكامة الأمنية بالمغرب في محاربة التطرف العنيف
الدار / المحجوب داسع
أشادت دراسة حول "التطرف العنيف النسائي" بالحكامة الأمنية لمحاربة التطرف العنيف والإرهاب في المغرب، مؤكدة أن انشاء "المكتب المركزي للأبحاث القضائيىة" البسييج"، وتعزيز الترسانة التشريعية والقانونية، من خلال مراجعة قانون مكافحة الإرهاب في سنة 2003، أسهم بشكل كبير في احباط كل المشاريع والمخططات الإرهابية التي تهدف الى زعزعة الاستقرار والامن المجتمعيين".
وسجلت الدراسة، التي قدمت نتائجها، صباح اليوم الثلاثاء بالرباط، على هامش الندوة الدولية التي ينظمها مركز "البحث والتكوين في العلاقات بين الأديان وبناء السلم، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، بشراكة مع مكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبدعم من الحكومة البريطانية، تميز التجربة المغربية في مجال محاربة التطرف العنيف والإرهاب، لارتكازها على ثلاث مقاربات متكاملة: مقاربة الحكامة الأمنية، محاربة الفقر والهشاشة والفوارق المجتمعية، ومقاربة تعزيز قيم الإسلام السمحة والمنهج الوسطي المعتدل المتزن"، علاوة على دور برنامج مصالحة الذي أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج، في مصالحة المعتقلين في قضايا التطرف والإرهاب، مع أنفسهم، ومع النص الديني ومع المجتمع عبر تأهيلهم للاندماج من جديد في محيطهم المجتمعي.
وأضافت ذات الدراسة، أن "التجربة المغربية في محاربة التطرف العنيف ترتكز على ثلاث مقاربات أساسية: تعزيز الحكامة الأمنية، محاربة الفقر والهشاشة والاقصاء الاجتماعي، وانعدام المساواة، وكذا تعزيز قيم الدين الإسلامي السمحة، والتسامح والاعتدال"، علاوة على تقوية الترسانة القانونية، التعاون الدولي، وانشاء مؤسسات في مجال الأمن المجتمعي، والادماج، فضلا عن ادراج مقاربة حقوق الانسان في مواجهة اديولوجيات التطرف العنيف.
وسجلت الدراسة ذاتها، دور برنامج مصالحة التي أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء في إعادة مصالحة المعتقلين السابقين في قضايا التطرف، مع انفسهم ومع المجتمع ومع النص الديني، وكذا انشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، الى جانب اشراك المجتمع المدني في جهود محاربة الإرهاب والتطرف العنيف.
من جهة أخرى، سلطت الدراسة الضوء على الدور المحورية للمرأة المغربية العالمة في مجال تفكيك خطاب التطرف العنيف، وتعزيز قيم الإسلام السمحة، من خلال تجربة المرشدات الدينيات، التي تجسد "الريادة النسائية المغربية" في مجال دحض أطروحات العنف والتطرف، فضلا عن الدور الذي تلعبه الرابطة المحمدية للعلماء في مجال تعزيز "الريادة النسائية" من خلال اللقاءات والندوات الوطنية والدولية، التي ينظمها مركز "التكوين في العلاقات بين الأديان وتعزيز السلم".
ودعت الدراسة الى المزيد من العمل لتعزيز الريادة النسائية في مجال تعزيز السلم ومحاربة التطرف العنيف والإرهاب، من خلال الكدح المستدام على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، وتعزيز حضورهن على المستوى الرقمي، وكذا تقوية الأنشطة الوقائية على مستوى الميدان، وعلى الصعيد المؤسساتي.
من جهة أخرى، كشفت الدراسة أن " بروفايلات المغربيات اللواتي يلتحقن بالتنظيمات المتطرفة تختلف، على اعتبار أن الراديكالية ينمو في سياقات مختلفة، وبدوافع مختلفة، كما ان تجارب النساء المتطرفات لايمكن اعتبارها فقط من زاوية كونهن "ضحايا مجتمعيات للاستقطاب" أو "متلاعب بعقولهن"، بل لهن أيضا دور في الجنوح نحو التطرف العنيف"، بحكم وجود قابلية مسبقة لديهن لاعتناق الفكر المتطرف.
وسجلت الدراسة الدور المحوري، الذي يلعبه المحيط العائلي في جنوح النساء نحو التطرف العنيف، من خلل تأثير الاخوة، والأزواج، والأصدقاء، مما يسهم، بحسب الدراسة، في تشكيل "هوية نسائية" تعتنق فكر التطرف العنيف"، مشيرة الى أن "التفاعلات، وشبكات التواصل الاجتماعي، تسهم في استقطاب النساء المغربيات للتنظيمات المتطرفة".
وأضافت الدراسة أن النساء يشكلن محور التنظيمات المتطرفة والارهابية، ولهن دور استراتيجي في عمل هذه التنظيمات"، مبرزة انطلاقا من بحث ميداني، هم النساء العائدات من بؤر التوثر بمدن شمال المغرب، أن هؤلاء النسوة يعتبرن مرورهن بالتنظيمات المتطرفة "تجربة في اطار مشروع"، وليس مرحلة من العنف داخل تنظيم مسلح، كما أن مسارات الالتحاق بهذه التنظيمات تختلف باختلاف النوايا والسياقات، علاوة على أن التجارب التي تم الاستماع اليها في اطار هذه الدراسة الميدانية، تكشف عدم وجود رغبة عند هؤلاء النسوة في استيراد فكر التطرف العنيف لزعزعة السلم والأمن المجتمعي"، مشيرة الى صعوبة تحديد أدوار هؤلاء النساء بشكل دقيق داخل هذه التنظيمات في اطار ديناميكية التطرف والنزاع".
وتوخت هذه الدراسة، استبانة أدوار النساء داخل التنظيمات المتطرفة والارهابية، وفهم ظاهرة التطرف الديني النسائي، وكذا تقديم المبادرات المؤسساتية، وتحليل الأدوات، والبرامج وآليات التدخل لدى المجتمع المدني، والدولة للحد من التطرف الديني النسائي، كما رامت هذه الدراسة أيضا تقديم شهادات لنساء التحقن بالتنظيمات المتطرفة، وتحديد أدوارهن داخل هذه التنظيمات، ومختلف العوامل الشخصية، والعلائقية، والمجتمعية التي تدفع النساء للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة.
واستندت الدراسة الى 12 مقابلة مع نساء مغربيات لتحديد العوامل المحددة التي تدفع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الى الاهتمام بالنساء، وفهم العوامل الشخصية، والسياقية والعلائقية التي تدفع النساء الى الارتماء في أحضان التنظيمات الإرهابية.
وفي اطار هذه الدراسة، تم عقد مقابلات مع سبع عائلات في شمال المغرب، اللواتي التحق بعض أفرادهن من النساء بالتنظيمات المتطرفة، وذلك في اطار مقاربة "النوع الاجتماعي" التي استندت اليها الدراسة.