الدار/ رضا النهري:
فيروس “كورونا” ليس كله سوء، ففيه بعض الجوانب الإيجابية التي كان من المستحيل أن تتحقق لولاه، من بينها أنه صار يجمع شمل الأسر في ساعات مبكرة من المساء، بعدما استغنى الأزواج، أو كادوا، عن الجلوس الطويل في المقاهي والتجمعات.
وصار الكثير من الأزواج، يقصدون منازلهم مباشرة بعد خروجهم من العمل، بعدما كانوا يقضون الساعات الطوال في التسكع أو الجلوس في المقاهي، أو التعلل بمباريات كرة القدم ليتهربوا من المنزل، الذي قد يتضمن الكثير أو القليل من النكد.
ويبدو أن الأزواج صاروا مقتنعين بأنه من الأفضل للمرء أن يصاب بهذه الكورونا اللعينة وسط مقربيه وأبنائه عوض أن يصاب بها من الغرباء، لذلك صار شمل الأسر يتجمع في وقت مبكر من كل مساء، وهذه حسنة كبيرة أسدتها “كورونا” للأسر المغربية التي عادة ما كانت تشتكي من تفشي انفصام الروابط الحميمية بين أسرها واجتماع أفرادها ليلا من أجل النوم فقط.
الأرقام تعزز هذه الفرضية، حيث تشير إلى انخفاض كبير في مداخيل المقاهي، التي اكتوت بالفيروس اقتصاديا قبل أن تكتوي به صحيا.
النقطة الإيجابية الأخرى هي أن “كورونا” حقق ما لم تستطع تحقيقه السلطات والمجالس المنتخبة، حين وجه ضربة قوية جدا لمقاهي الشيشة، التي وصلت قوتها في السنوات الأخيرة إلى درجة تشكيل “لوبي” حقيقي لا يستطيع مواجهته إلا ذو حظ عظيم.
وشكل تناسل مقاهي الشيشة في مختلف المدن المغربية قلقا كبيرا للناس، الذين حطموا الرقم القياسي في أعداد الشكايات الموجهة إلى السلطات والمجالس المنتخبة، وفي النهاية يجدون أن عدد مقاهي الشيشة التي تفتح أبوابها أكبر بكثير من المقاهي التي يتم إغلاقها.
ومثلما حدث في حالة المقاهي العادية، فإن تخوف زبناء مقاهي الشيشة من عدوى “كورونا” دفعهم إلى الهجر المؤقت لمجالسهم المفضلة، وتخلوا مرغمين عن مجالسة سحب الأدخنة والروائح المختلطة التي يمكنها أن تنقل كل أوبئة العالم وليس “كورونا” فقط.
ويبدو حتى الآن أن هذا الفيروس يقدم بين الفينة والأخرى خدمات جليلة للمجتمع، على أمل أن يستمر في تقديم خدمات أخرى في المستقبل القريب.