المواطن

فصل الدين عن السياسة.. الجدل قائم والجرأة منعدمة



 

الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز

 

يعد المغرب من ضمن الدول العربية، التي تشهد في الظرفية الحالية نقاشا حادا بخصوص موضوع "فصل الدين عن السياسة" الذي يطرح مجموعة من الإشكاليات بخصوص القراءات والمداخلات التي تفيد وجود تضارب ملحوظ على مستوى الآراء التي تطبع الجدل الذي يطال إشكالية فصل الدين عن الدولة.

وأكد حسن كوجوط، باحث في علم الاجتماع وناشط حقوقي، في تصريح لموقع "الدار" أن  فرنسا على سبيل المثال أقرت العلمانية في دستورها مند سنة 1905، معتبرا العلمانية صندوق يسع كل الديانات بدون استثناء ويفرض على الدول أن تلتزم الحياد في المسألة الدينية، وأن لا تفرض أي دين من الأديان على الشعب الفرنسي أو من يتمتع بالجنسية الفرنسية. وأضاف أن العلمانية، هي التي سمحت للديانة الإسلامية والمسلمين أن يستوطنوا في فرنسا وفي العديد من الدول المتقدمة، بالرغم من وجود بعض من هؤلاء المسلمين الذين لا يحترمون دستور فرنسا ولا يحترمون الدولة الفرنسية ومواطنيها وقانونها وعلمانيتها على حد تعبيره.

ويضيف أنه من جهة أخرى تعتبر فرنسا ضحية دستورها الذي يسمح للشعوب "المتخلفة" أن تصنع بالعباد و البلاد ما يشاءون  في بلاد الأنوار. مشيرا أن الحل الوحيد للقضاء على الإرهاب الذي يشكل الهاجس الذي يؤرق الشعوب في فرنسا استئصال الفكر المتطرف.

وبخصوص الدولة المغربية يقول ذات الباحث، إنها تعتبر عضوا نشيطا في المنظمات الدولية، وتتعهد بالتزامها بالمواثيق المرتبطة بالحقوق والمبادئ والواجبات المتعارف عليها دوليا، وهذا ما أكده الدستور المغربي في ديباجته، بالنظر لوجود العديد من الاتفاقيات الدولية التي انضم إليها المغرب وصادق عليها منها المتعلقة بالحقوق والحريات، والتي أصبحت جزءا من القانون الوطني، ومن بينها حرية التدين الذي لا يجب أن يقحم في شؤون الدولة خصوصا منها السياسية.

وأشار في السياق ذاته أنه لا يجب أن ننسى أن المغرب وافق سنة 2014 بجنيف على قرار أممي لضمان حرية الدين والمعتقد، ولم يبد أي تحفظ على هذا القرار الأممي الذي يؤكد، حق كل فرد في حرية الفكر والوجدان والدين أو المعتقد، بما يشمل حريته في أن يكون أو لا يكون له دين أو معتقد، أو في أن يعتنق دينا أو معتقـدا يختاره بنفسه، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعليم والممارسة والتعبد وإقامة الـشعائر، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة، بما في ذلك حقه في تغيير دينه أو معتقده.

وأوضح في معرض حديثه، أن  المغرب هو موطن للإنسان كيفما كان دينه، "ومن يعيش في هذه البقعة الأرضية ليس فقط هم أشخاص يدينون بالإسلام. فعلى هذه الأرض يوجد مغربي مُلحد أو لا ديني، يهودي ومسيحي، مسلم سني أو شيعي وبهائيّ وغيرههم.. إذن أليس لديهم الحق في الحياة كيفما يريدون وأن يمارسوا شعائرهم بحرية وبأمن وسلام.. فليس من المعقول في القرن الواحد والعشرين أن يشعر غير المسلم السني في بلاده بالمضايقات من طرف الدولة أو من الطوائف الأخرى، تحت ذريعة الدولة المغربية دولة إسلامية" يقول الباحث ماحدثا لموقع "الدار".

وأشار أن هناك مجموعة من الأفراد الذين يقومون بتغيير دياناتهم لاعتبارات عدة، فتكون النتيجة هي سخط المجتمع الذي لا يقبل الخروج عن الدين الإسلامي، فضلا عن تنزيل مجموعة من القوانين التي تجرم هذه العملية التي تسمى بالردة، ومن ثم فإن الإبقاء على قانون يجرم الردة سيشكل عقبة أمام تطور المجتمع المغربي وسيؤثر سلبا على ثقافة التعايش التي توارثها الشعب المغربي من أجداده، كما سيكرس اللطائفية والتفرقة والعنصرية في البلاد.

وأكد محدثنا أن الردة في الدين الإسلامي واللا تدين في المغرب يشبه تماما الحديث عن القوانين المغربية، تجد فصلا في الدستور يمنح لك الحق في كذا، و فصلا آخر أو بندا قانونيا في الجنايات ينتزع منك ذاك الحق، نفس الشيء بالنسبة للشريعة الإسلامية، حيث هناك تناقض صارخ بين النصوص، فمثلا نجد القرآن يعج بالكثير من الآيات التي  تدل على حرية الاعتقاد والاعتناق، وعلى رأسها "لا إكراه في الدين" وتقول الأية الأخرى ''لكم دينكم ولي دين".. لكن عكس ذلك نجده بعض الأحاديث وفتاوى بعض الشيوخ تعتبر الردة أغلظ من الكفر الأصلي حيث يؤيدون قتل المسلم المرتد، اعتمادا على بعض الأحاديث النبوية كالحديث الذي يقول: عن بن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه".



 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خمسة × 4 =

زر الذهاب إلى الأعلى