الدار/ رضا النهري:
منذ أن تحول التعليم الخاص إلى واقع مترسخ الجذور بين المغاربة، لم يحدث شنآن قوي بين أولياء التلاميذ وأصحاب المدارس الخصوصية مثلما يحدث اليوم، بفعل الخلاف الكبير حول طرق تدبير مرحلة جائحة كورونا والجدل الذي رافق مسألة التعليم عن بعد وطرق أداء الواجبات الشهرية.
لكن في قلب هذا الجدل الذي يبدو سلبيا في مظهره، فإنه من الممكن أن تتحول هذه القضية إلى ربح استراتيجي كبير، عبر استعادة قيمة وهيبة التعليم العمومي، الذي يبدو أنه ضاع بين براثن استئساد التعليم الخاص، إلى درجة أنه حتى أبناء الطبقة الفقيرة صاروا يتابعون دراستهم، الابتدائية على الأقل، في التعليم الخاص.
الظروف التي فرضتها جائحة “كورونا” على قطاع التعليم، جعلت قطاعا عريضا من المغاربة ينتبه على أن التعليم العمومي ليس كارثة، وأنه بإعادة الثقة إليه، قد يتحول على تعليم مميز، وقد يسحب البساط من التعليم الخصوصي، الذي كان يبدو انه ربح الرهان أمام التعليم العمومي بالضربة القاضية.
الأخبار القادمة من مختلف مدن ومناطق المغرب، تؤشر إلى تصاعد التوتر بين آباء التلاميذ وإدارات التعليم الخاص، وهو ما دفع المئات، وربما الآلاف، إلى اتخاذ قرار القطيعة مع التعليم الخاص وإعادة أبنائهم إلى التعليم العمومي.
لكن الأعداد المتزايدة من التلاميذ الذين سيتوجهون نحو التعليم العمومي في مقبل الشهور أو السنوات، تعترضه مشكلة على قدر كبير من الصعوبة، وهي أن التعليم الخاص استطاع استيعاب أعداد كبير من التلاميذ، وهؤلاء، في حال قرروا التوجه نحو التعليم العمومي، فإنهم لن يجدوا، بالتأكيد، المدارس الكافية لاستيعابهم، وسيخلق ذلك إشكالا كبيرا، ليس فقط لآباء التلاميذ، بل لقطاع التعليم المغربي برمته.
ونحن على بعد أشهر من العودة إلى المدارس، يبدو أننا أمام تحد حقيقي يتطلب ما، ليس القضاء على التعليم الخاص، الذي يؤدي دورا هاما، بل إعادة الثقة إلى التعليم العمومي، الذي لا يمكن العثور له على بديل، خصوصا في ظل التطورات المستقبلية التي يفرضها التعامل مع جائحة “كورنا”، أو ما يشبهها من الفيروسات، في مقبل السنوات.
إنها قضية على قدر كبير من الأهمية، ويبدو أننا ملزمين، منذ الآن، بوضع لبنات هذا التفكير الجماعي من أجل خلق تعليم مختلف، لا نهضم فيه حق التعليم الخاص، بل فقط نعيد للتعليم العمومي قيمته الضائعة.