الدار/ رضا النهري:
إذا تمت مقارنة فصول الصيف في زمن الحروب مع فصل الصيف في زمن “كورنا”، فمن الأكيد أنه في زمن الحروب كانت الأوضاع أفضل، أو أقل سوءا، لأن الناس، على الأقل، كان بإمكانهم إفراغ أحزانهم ومخاوفهم في مياه البحر، بينما اليوم يجد الكثير من الناس أنفسهم محجورين حتى من هذا الحق الطبيعي، أو الذي كان يُعتقد أنه طبيعي جدا.
كثير من الناس لم يستطيعوا التوجه إلى البحر بالمرة، وآخرون فعلوا ذلك بشق الأنفس، وآخرون فعلوا ذلك بشكل شبه طبيعي، فكل شيء يتعلق بطبيعة المنطقة المعنية بذلك، لكن في النهاية، فإن الوضع هذا الصيف يمكن وصفه بأنه “تاريخي” بجميع المقاييس.
الطبيعة الاستثنائية لهذا الصيف ليست فقط بسبب “الحجر البحري” لقطاع عريض من الناس، بل أيضا بسبب خسائره الرهيبة في المجال السياحي، والاقتصادي بشكل عام، لأنه، في حال انحسر تفشي الوباء قريبا، فإن الناس سيسردون حكايات كثيرة عن فنادق وشواطئ فارغة تماما من مرتاديها خلال الصيف، وعن خسائر مالية لم يكن يتوقعها حتى أكثر الناس سوداوية.
في كل بلدان العالم، تقريبا، صارت السياحة المحرك الأول، أو الأساسي، للاقتصاد، وهذا ليس فقط في البلدان النامية، بل حتى في أعتى البلدان تقدما، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها، لذلك فلا يوجد بلد سيكون بمعزل عن الآثار المدمرة لهذه النكسة السياحية غير المسبوقة.
أغلب البلدان السياحية عرفت انخفاضا كارثيا في عائداتها، وبلغت نسبة انخفاض السياح في أغلبها بما يزيد عن 80 في المائة، وسيستمر الوضع سوءا حتى نهاية العام، ونهاية العام لا تعني أبدا أن الأوضاع ستعود إلى طبيعتها بشكل أوتوماتيكي في حال استمر الفيروس في التفشي.
وفي كل بلدان العالم، اضطرت الحكومات إلى إجراء تعديلات جذرية في ميزانياتها لعامة، وتم تخفيض الموازنة في كثير من القطاعات الحيوية، وفي بلدان أخرى تم اعتماد ميزانيات الحروب، التي تميل بشدة نحو التقشف، بفعل الأزمة الخانقة التي كان القطاع السياحي سببا رئيسيا فيها.