دعوات لمزيد من الشفافية بشأن ملاذات بريطانيا الضريبية
يرى البعض في موافقة جزر العذراء البريطانية وجزر كايمان مؤخرا على وضع سجلات علنية للكشف عن ملاّك الشركات الوهمية مؤشرا على أن لندن تتحرّك باتّجاه تحسين الشفافية المرتبطة بمسألة الضرائب في أقاليم ما وراء البحار التابعة لها، رغم تأكيد ناشطين أنه ما زال أمامها الكثير مما يتوجب عمله.
وقبل عامين، نصّ تعديل أدخل على قانون بريطاني لمكافحة غسل الأموال على وجوب وضع أقاليم ما وراء البحار بما فيها برمودا وجيرزي وغيرنزي وجزيرة مان سجلات عامة تحدد هويات الملاّك الفعليين للشركات الوهمية.
وقالت نينكه بالسترا من مجموعة “غلوبال وتسنيس” لفرانس برس “إنها أخبار كبيرة. كانوا يماطلون على الرغم من أن الأمر كان ملزما قانونيا منذ العام 2018”.
وكشفت تسريبات بيانات ضخمة مؤخرا، بما فيها ملفات فنسن ووثائق بنما، أن الأرخبيل الواقع في الكاريبي عبارة عن مركز عالمي ضخم لغسيل الأموال والتهرب الضريبي.
– قلق –
وأفاد أليكس كوبهام من “شبكة العدالة الضريبية” العالمية للأبحاث والتحليلات أنه على الرغم من أن إعلان جزر العذراء البريطانية التزامها بنشر السجلات أمر مرحّب به، إلا أن تأثيره محدود.
وتحتل الجزر، حيث يعيش نحو 35 ألف شخص في منطقة تعادل مساحتها خمس مساحة لندن، المرتبة التاسعة في مؤشر الشبكة للسرية المالية والأولى على قائمته للملاذات الضريبية للشركات.
وأشار إلى بيان صدر عن رئيس وزرائها أندرو فاهي الذي تحدث في شتنبر عن مجرد “العمل باتجاه” وضع سجّلات ملكية يمكن للعامة الوصول إليها.
وأعرب فاهي حينها كذلك عن قلقه حيال احتمال إساءة استخدامها من قبل “أصحاب النوايا السيئة”، وهو أمر قد ينتهك حقوق دافعي الضرائب الذين يلتزمون بالقانون.
وقال كوبهام “كانت هذه مجرّد إعادة صياغة ذكية للوضع القائم من قبل”.
لكن بالسترا تعتقد أنه سيكون لوجود واجب قانوني يلزم الجزر بنشر السجلات تأثيرا رادعا لمحاولات نقل الأموال التي اكتسبت بشكل غير شرعي إلى تلك المنطقة.
وأفادت “تكمن المشكلة في كيفية نشرهم المعلومات”، مشيرة إلى أن من شأن فرض رسوم كبيرة أو التأخيرات إبطاء أو عرقلة طلبات الحصول على معلومات.
– ضغط –
والثلاثاء، أزيلت جزر كايمان من قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء للملاذات الضريبية.
لكن لم تقابل الخطوة بترحيب دولي. وقالت منظمة “أوكسفام” الخيرية إن على جميع الدول التي تعد ملاذات ضريبية أن تبقى على القائمة، نظرا إلى أنها تتسبب بخسارة الدول عائدات بالمليارات كل عام.
وذكرت شبكة العدالة الضريبية أن شطب جزر كايمان من القائمة كان ثمرة الضغط الذي مارسته الجزر نفسها.
وتأسست قائمة الاتحاد الأوروبي التي يفترض أن تكافح التهرب الضريبي من قبل الشركات متعددة الجنسيات والشخصيات الثرية في ديسمبر 2017 على إثر وثائق بنما ولوكس ليكس (تسريبات لوكسمبورغ).
وأفادت شبكة العدالة أن خطر كايمان أقل لجهة تهريب عائدات الجرائم أو الفساد مما هو عليه لجهة زعزعة استقرار النظام المالي العالمي.
وتسمح الجزر للشركات الكبرى بتجنّب الضرائب وقواعد الدول حيث تعمل، وساهمت بشكل كبير في أزمة 2008 المالية.
وأفادت منظمة “الشفافية الدولية” لمكافحة الفساد أن بعض الأدوات المالية على غرار صناديق الاستثمارات الخاصة التي تفضلها العائلات الثرية على وجه الخصوص لحفظ الأصول التابعة لها، تفلت من السجلات وتبقى غامضة.
– استعادة السيطرة –
وتغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي وقواعده نهائيا في 31 ديسمبر، بينما يبدو رئيس الوزراء بوريس جونسون متحمسا لاستعادة السيطرة على قواعد بلاده المالية.
وأثار ذلك مخاوف من احتمال تحول المملكة المتحدة إلى سنغافورة الغرب، مع اتباع بريطانيا وأقاليم ما وراء البحار التابعة لها سياسة مالية أكثر جرأة.
وقال كوبهام إن الحكومة البريطانية أظهرت “عدم اهتمام بالشفافية” منذ تحقيقها فوزا كاسحا في ديسمبر الماضي.
وأشار إلى أنها “نكثت” بالتزامها السماح لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مشاركة بيانات الشركات البريطانية من أنحاء العالم.
المصدر: الدار– أف ب