الرئاسيات الأمريكية من منظور أوروبي.. توجس وترقب
بقلم: عادل الزعري الجابري
لم يسبق أن تمت متابعة الانتخابات الرئاسية الأمريكية بهذا القدر من القلق والتوجس على الجانب الآخر للأطلسي.
فقبل ساعات قليلة من إعلان نتائج هذا الموعد النهائي المصيري، تحبس أوروبا أنفاسها وتأمل بغد أفضل في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وبالنسبة للقادة الأوروبيين، فإن انتخاب ساكن جديد للبيت الأبيض يشكل رهانا وازنا، كما أن تفضيلهم للمرشح الديمقراطي جو بايدن هو أمر يكاد يكون بديهيا، على اعتبار أنه يشكل من وجهة نظرهم الرئيس الذي سيعيد التحالفات التقليدية ويقوم بدفن الضغينة التي أثارها دونالد ترامب باسم شعاره المقدس “أمريكا أولا”.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية، محمد رجائي بركات، في معرض تحليل أدلى به لميكرو وكالة المغرب العربي للأنباء، حول رهانات الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالنسبة لأوروبا، أنه “كان على الاتحاد الأوروبي وقادته التعامل بصعوبة مع رئيس أمريكي، إلى جانب معاملتهم بازدراء ينزلهم منزلة الأعداء”.
وذكر بأن أول موقف يكرس الطلاق بين الحليفين السابقين هو خروج الولايات المتحدة من اتفاقية باريس حول المناخ، ليتلو ذلك فرض الضرائب على المنتجات الأوروبية، لاسيما الصلب والألمنيوم، واستهجانه للاتفاقية النووية المبرمة مع إيران، وتهديده بالانسحاب من منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا لم تقم الدول الأوروبية بزيادة مساهماتها في ميزانية التحالف، ناهيك عن دعم الرئيس ترامب للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، الذي يشكل خطا أحمر بالنسبة للأوروبيين.
ويرى الخبير أن ترامب أزعج الأوروبيين طوال مدة ولايته التي استمرت أربع سنوات، لدرجة إهانتهم، ضاربا بعرض الحائط جميع قواعد اللياقة الدبلوماسية.
وفضلا عن دعمه الصريح لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ذهب دونالد ترامب إلى حد تشجيع المزيد من الانقسامات داخل التكتل، معلنا أن النموذج البريطاني ستليه قريبا دول أخرى داخل الاتحاد.
وقال ترامب في إحدى خرجاته الإعلامية المدوية “لا يهمني حقا ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سينقسم أم سيبقى متحدا. بالنسبة لي، الأمر ليس مهما”.
وأعقب ذلك قرارات أخرى لم تكن متوقعة، لاسيما قراراته المناهضة للمهاجرين، وانسحابه من منظمة اليونسكو، ومؤخرا من منظمة الصحة العالمية، التي اتهمها بـ “لعب لعبة بكين” في تدبير أزمة جائحة “كوفيد-19”.
ومع ذلك – يضيف السيد بركات- لا ينبغي الاعتقاد بأن شهر عسل جديد بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة سيأتي في حال تولي المرشح الديمقراطي الرئاسة.
وبالنسبة له، إذا كانت العلاقات ستكون أقل توترا وأكثر حميمية، فإن ترميم التحالفات لن يتم بسرعة، طالما أن المرشح بايدن ستكون له أولويات أخرى مرتبطة، على الخصوص، بإدارة تبعات الوباء، وخطة الانتعاش الاقتصادي، ولاسيما استعادة وحدة الولايات المتحدة.
وسواء مع ترامب أو بايدن، تدرك أوروبا أن مستقبلها رهين بقدرتها على تعزيز استقلاليتها الإستراتيجية وسيادتها الاقتصادية في مواجهة العملاق الصيني ومنافسها الأمريكي. وستدرك أيضا، مع شركائها في الناتو، أن أمنها المستقبلي لن يمر بالضرورة عبر واشنطن، بل سيكون بمعية الدول السبعة والعشرين وحلفائهم بالحوض المتوسطي.
المصدر: الدار- وم ع