جهة الدار البيضاء سطات..الرهان كبير على تنمية الوسط القروي
جاء المخطط التنموي لجهة الدار البيضاء-سطات ليجيب عن جملة تحديات تعيشها هذه الجهة، التي تعتبر أكبر جهات المملكة بمواردها البشرية والاقتصادية وامتدادها الجغرافي، خاصة في ما يتعلق بالتنمية القروية، إذ كان الرهان كبيرا على ضمان تنمية مجالية دامجة ومتوازنة بين الوسطين القروي والحضري بها.
فالمخطط، الذي تمت المصادقة عليه من قبل مجلس الجهة في مارس 2017، أولى أهمية قصوى إلى تقوية ريادة هذه الجهة على المستوى الوطني، عبر النهوض بمجاليه الحضري والقروي على السواء، ومن خلال 155 مشروعا خصص لها غلاف مالي يقدر بـ 115 مليار درهم، تتوزع على العالم القروي (30 مشروعا)، والنقل (أربع مشاريع )، والمقاولات والابتكار والشغل (30 مشروعا)، والجاذبية الاجتماعية والثقافية وجودة الحياة (41 مشروعا)، والأجيال المستقبلية (20 شروعا).
وكانت الرغبة في خلق التوازن بين أقاليم وعمالات الجهة، وتعزيز أوجه التآزر داخلها، وكذا ضمان توازن بين الوسطين القروي والحضري، وتعميم التنمية الاقتصادية بجميع أنحاء الجهة، الدافع للتفكير في مشاريع من شأنها تفعيل الأهداف المضمنة في المخطط، ببرمجة أوراش مبتكرة تتبنى مقاربة مندمجة لإشكاليات العالم القروي، ولا سيما ما يتعلق منها بالتجهيز والبيئة والموارد المائية.
وضمن هذه الرؤية، كانت المصادقة في إطار الدورة العادية لشهر أكتوبر الماضي لمجلس جهة الدارالبيضاء-سطات على العديد من المشاريع التنموية، التي تعكس نفس الاستمرارية في تنزيل تلك الأوراش الخاصة بالحد من الفوارق المجالية، خصوصا على مستوى العالم القروي.
وتقوم استراتيجية المجلس في شقها المتعلق بمحور “النقل والتنقل” بالوسط القروي، على تقوية الشبكة الطرقية وصيانتها، وفك العزلة، والتنشيط الاقتصادي وربط المناطق القروية بالأقطاب الوظيفية الجهوية ومناطق الإنتاج والتوزيع، وتعزيز تنافسية وجاذبية المجال بالجهة.
وضمن هذا المحور، خصص المجلس اعتمادات تقدر بـ 123 مليون درهم لإنجاز أشغال تثليث الطريق الوطنية رقم1 بين ليساسفة وداربوعزة في إطار اتفاقية بين الجهة ووزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، إضافة إلى اتفاقيات مماثلة لإنجاز مشروع تثنية الطريق الوطنية رقم 7 على مستوى تراب إقليم الجديدة، والطريق المداري لبنسليمان.
وستمكن تثنية الطريق الوطنية رقم 7 بتراب الجديدة من الربط بين سيدي اسماعيل وسيدي بنور بكلفة إجمالية قدرها 128 مليون درهم، فيما سيتيح مشروع الطريق المداري ببنسليمان الربط بين الطريق الجهوية 404 و الطريق الجهوية 305 بكلفة تصل إلى 50 مليون درهم.
وإلى جانب النهوض بالبنيات التحتية بالمجال القروي، تتطلع الجهة إلى تعزيز الموارد الطبيعية التي تزخر بها وتثمينها، وضمان استفادة الجميع منها، وفي مقدمتها الموارد المائية بواسطة اعتماد آليات لمراقبة جودتها، وتحسين الولوج إليها، عبر تعميم المد بالماء الشروب، وتقوية التجهيزات المتعلقة بالمد بالماء للساكنة.
وتبعا لذلك، خصص المجلس ما قيمته 100 مليون درهم لتزويد كل من جماعات أقاليم الجديدة وسيدي بنور وسطات، وبرشيد، وبنسليمان، وعمالة المحمدية بالماء الصالح للشرب.
وقد سبق للمجلس وأن برمج أكثر من 200 مليون درهم من أجل دعم الولوج إلى الماء الشروب بالعالم القروي، وهو برنامج طموح ممتد من 2019 إلى 2023، يهم أكثر من 200 ألف نسمة بـ 30 جماعة ترابية.
وتعد قضية الماء، على الأخص، قضية محورية بالنسبة للجهة، وتتطلب تدابير مؤثرة بشكل كبير، فهي تعاني منذ الآن من طلب كبير على الماء، إذ يقدر الطلب على الماء الصالح للشرب الحالي في 196 مليون متر مكعب، وسيبلغ 250 مليون متر مكعب في أفق سنة 2030، وتزداد الوضعية تفاقما بسبب الاستغلال المفرط للموارد تحت الأرضية ومخاطر التلوث وإعادة الاستعمال المنخفض للموارد وتأثير تغيرات المناخ.
ولذا، وفي سياق رؤيته الاستباقية، والاستجابة للحاجيات المتزايدة للجهة من الماء الصالح للشرب والحفاظ على الموارد المائية، اعتمد المجلس اتفاقية شراكة مع كل من المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والوكالات المستقلة لتوزيع الكهرباء والماء الجماعات المستفيدة، وتروم تنفيذ المشاريع الرامية إلى تجويد الاستفادة من الخدمات الأساسية، وتقوية نسبة ولوج ساكنة العالم القروي للماء الصالح للشرب بالوسط القروي بالجهة.
وتنص الاتفاقية على إحداث محطات تتبع تسربات مياه الأمطار على مستوى الفرشة المائية لبرشيد والشاوية الساحلية، إضافة إلى أجهزة مقياس الضغط لتتبع مستويات الموارد المائية تحت الأرضية ونفاذ مياه البحر لفرشتي برشيد والشاوية الساحلية، وأجهزة قياس التدفق لتتبع إصدارات محطات معالجة المياه العادمة (step) الكبيرة بالمنطقة ومنابع سندباد وعين جمعة (أنفا و بوسكورة).
كما تشمل إحداث محطات قياس الأمطار من أجل تتبع التساقطات المطرية بالمناطق غير المجهزة، والمناطق التي سيتم تجهيزها بأجهزة قياس التدفق، وإنشاء محطة قياس مائية من أجل تتبع تدفق واد هوارة.
وتندرج هذه الخطوات ضمن الشطر الاجتماعي لمحور “الوسط القروي المندمج”، الذي يقترح حلولا لتعميم المد بالماء الشروب في الوسط القروي” وكذا تقوية التجهيزات المتعلقة بالمد بالماء للساكنة، وهي تندرج كذلك، في إطار برنامج تقليص الفوارق الترابية والاجتماعية.
ووفق المقاربات ذاتها، بادر المجلس إلى إبرام اتفاقية شراكة وتعاون مع كل من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة والوكالات الحضرية للجديدة-سيدي بنور وبرشيد بنسليمان وسطات، وهيئتي المهندسين المعماريين بالدار البيضاء والجديدة والمجلس الوطني للهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، تخص تنفيذ برنامج المساعدة المعمارية بالعالم القروي.
وتقضي هذه الاتفاقية بتوفير المساعدة التقنية والمعمارية في العالم القروي بجهة الدار البيضاء -سطات، في ما يتعلق على الخصوص بمواكبة إنجاز مساكن تتلاءم مع الاحتياجات المحلية وتحترم معايير الجودة والسلامة، حيث ستستفيد المجالات القروية من توفير تأطير معماري وتقني مجاني للعائلات المعوزة بالعالم القروي.
وسيتم لهذا الغرض تخصيص منحة مالية سنوية قيمتها 2 مليون درهم على مدى 3 سنوات (2020-2022)، لصالح المجال القروي الواقع داخل النفوذ الترابي لجهة الدار البيضاء-سطات، وتمنح للوكالات الحضرية.
وتأتي مجموعة المشاريع هذه في سياق وطني يتميز بالحديث عن تفعيل المقاربات التنموية الجهوية، وتعزيز دور مجالس الجهات، كوحدات ترابية تضطلع بدور محوري وأساس في تفعيل مختلف البرامج الرامية إلى خلق تنمية مستدامة ومندمجة تراعي الخصوصيات المحلية لكل جهة، بما يتيح تثمين مواردها وتقوية جاذبيتها الاقتصادية.
المصدر: الدار- وم ع